قراءة تحليلة في اتفاقات المصالحة الوطنية منذ العام 2006 - إعداد: عصام بكر

2012-05-28

عصــــــام بكـــــر

قراءة تحليلة في اتفاقات المصالحة الوطنية منذ العام 2006

بالرغم من  مرور اكثر من عام على توقيع اتفاق المصالحة الوطنية في العاصمة المصرية القاهرة في الرابع  من ايار الماضي 2011  وما تبعه من اعلان الدوحة اوائل حزيران الماضي ايضا وما تمخض عن هذا الاتفاق من تشكيل لجان عدة لمتابعة تنفيذه،  الا ان الشارع الفلسطيني الذي عاش ويلات الانقسام ما زال يترقب وينظر بقلق كبير لعدم  القيام باية خطوات جدية وعملية تنهي هذا الملف وتحقق الامل المنشود باستعادة الوحدة الحقيقية .

فالانقسام الداخلي منذ حزيران  2006 وحتى الان اوصل القضية الوطنية الى زاوية مظلمة ادت الى تراجع التفاعل الاقليمي والدولي ونظرة شعوب العالم ومؤسساته للمجتمع  الفلسطيني ، ناهيك ان الاحتلال الاسرائيلي المستفيد الاكبر من هذا الانقسام الذي ترك صعوبات بالغة في تعاطي المجتمع الدولي مع هذه القضية ينظر هذا الاحتلال الى المزيد  من تعميق واستدامة الوضع الحالي ، ولا يخفى على احد الاثار السياسية المترتبة على استمرار هذا الانقسام الذي يوصف من قبل الجميع  \' بالكارثي \' لاسيما مسألة حق تقرير المصير وفق  القرارات الدولية  التي اكدت وحدة الاراضي الفلسطينية الجغرافية والسياسية ، وهو ما يعني بشكل مباشر فقدان الاحقية بهذا الحق السياسي القانوني الذي كفلته الاعراف والمواثيق الدولية ، بالاضافة  لضرب النسيج الاجتماعي والوطني وتمزيق وحدة النظام السياسي في الضفة الغربية وقطاع غزة، والحفاظ على العملية الديمقراطية التي يجب ان تشكل الحكم في الوصول للسلطة عبر صندوق الاقتراع والاحتكام  لما يقرره  المواطن عبر انتخابات مباشرة نزيهة وشفافة ، والتدوال  السلمي للسلطة وهنا لا بد من الاشارة الى ان السلطة والشعب ما زالت تحت الاحتلال الذي يمثل التناقض الرئيس الذي يسعى بكل جهد لافشال  وضرب اهداف الشعب الفلسطيني في الاستقلال وتقرير المصير والعودة عبر وسائل عدة على رأسها العدوان المباشر وسياسات الاستيطان، وكذلك ايضا تغذية وتوسيع التناقضات الداخلية وزيادة الشرخ الحاصل لاطالة امد الاحتلال ، واللعب على اوراق الفرقة والانقسام ليصبح الوضع الحالي حالة ملازمة للواقع المعاش ، وامرا واقعا يمكن من خلاله فرض الحلول الجزئية احادية الجانب على الشعب الفلسطيني

ومع استمرار حالة التأرجح والتذبذب سلبا لصورة المجتمع الفلسطيني على المسرح الدولي مما يلحق المزيد من الضرر بمكانة القضية الفلسطينية ويصبح معها تمرير اية مخططات مستقبيلة لطمس هذه القضية متاحا بشكل اكبر ، كل ذلك يجري على ايقاع استمرار الاستيطان الاستعماري وتواصل بناء جدار الفصل العنصري ، وتهويد القدس وفرض وقائع يومية  تتغير بموجبها معالم الارض الفلسطينية، فيما يزيد جنوح الحكومة الاسرائيلية الحالية نحو المزيد من التطرف عبر ضم حزب كاديما للائتلاف الحكومي الذي بات يتمتع باغلبية تزيد عن 94 صوتا داخل الكنيست الاسرائيلي الذي يعكس مشهد من توغل هذه الحكومة نحو المزيد من الاستيطان والعنصرية من جهة وربما على القيام بحرب جديدة اذ تشير تقديرات المختصين الى امكانية قيامها بمغامرة عسكرية في المنطقة تزايدت احتمالاتها في الاونة الاخيرة مع دق طبول الحرب من جهة اخرى ، ومعها ايضا تكاد تغيب او تتلاشى اية امكانية لتحقيق تسوية سلمية للصراع في المنطقة .

هذه المعادلة استمرار الانقسام الداخلي والشرخ الحاصل في تفاصيل المجتمع الفلسطيني في الضفة الغربية وقطاع غزة افقيا وعموديا مع استمرار وتوسيع البناء الاستطياني والتهويد والحرب المفتوحة  ، تطرح الكثير من الاسئلة على القيادة الفلسطينية والقوى ، والاطراف كافة تتعلق بجدوى واسباب استمرار هذا الانقسام في ظل غياب الهيئات والاطر المنتخبة للشعب الفلسطيني ومنها المجلس التشريعي ؟؟؟ ودور المؤسسة الفلسطينية احزابا وقوى سياسية ومجتمعية ؟؟ وكيف يمكن استنهاض الشارع الذي تحول الى لا مبالي ولا يثق بكل ما هو قائم حيث تشير استطلاعات الرأي العام التي اجريت مؤخرا الى تراجع كبير بدور القوى وحجم الرهان على دورها في  التاثير فيما يتعلق بانهاء الانقسام الداخلي والعمل على هذا الصعيد في المستقبل !!  بل تتعدى تلك التساؤلات ذلك كله لتصل الى طرح مبرر وجود قوى لا تؤثر في موازيين القوى القائم حاليا مع الاخذ بالاعتبار ارتباط ذلك كله بمسالة التحرك الفاعل لها لانهاء الانقسام والوقوف بصلابة امام المسؤوليات التاريخية والوطنية والاخلاقية انسجاما مع دورها على امتداد سنوات طويلة من العمل للضغط على اطراف الانقسام ، واحراز تقدم فعلي ملموس في هذا الملف الذي ضرب عميقا ووصل الى جذور لا يمكن استمرار الحديث معها عن السلم الاهلي للمجتمع الفلسطيني دون معالجة الاثار التدميرية التي احدثها الانقسام ، تحديدا في ملف الحريات العامة ، والتعديات على القانون عبر اشكال مختلفة منها المسح الامني ، والاعتقالات السياسية والاقصاء الوظيفي ومنها كذلك اغلاق المؤسسات ومنع حرية التعبير والمساس الخطير بقيم واعراف وطنية  ترسخت طوال سنوات من العمل ، واصبحت تذوب الان في اعتداء خطير على التجربة الديمقراطية وتكريس نظام اقرب احيانا الى \' البوليسي \' منه الى اي نظام يلبي الحد الادنى من الديمقراطية وهي جميعها اشكال لها تداعيات خطيرة كما اسلفنا تتطلب الوقوف امامها بمسؤولية في ظل غياب الهيئات الرقابية ومنها بطبيعة الحال المجلس التشريعي التي لها دور لمنع الانجراف نحو التدهور تحت عناوين ومبررات لا علاقة لها من قريب ولا من بعيد كأغلاق مؤسسات ، وتغول السلطة التنفيذية على مصادر صنع القرار وهي جميعها تداعيات خطيرة ساهم الانقسام الحالي فيها او استخدم لارتكابها وهي تجاوزات للقانون تحت ذريعة ( احكام الطواريء ) التي باتت تحكم مصير الهيئات والمؤسسات وحتى منظومة القيم المجتمعية باسرها وسائر مكونات المجتمع المدني  .

وبالعودة الى اتفاق القاهرة الذي ابرم في الرابع من ايار الماضي 2011 برعاية مصرية والذي وقعته جميع الفصائل والقوى والشخصيات المستقلة وهو ما اتاح المجال لاعطاء بصيص امل جديد لوضع خطوات عملية قوبلت بارتياح كبير ووضع الاساس لمعالجة كافة القضايا بما فيه الاطار القيادي للمنظمة ، ولجنة الحريات ، وتشكيل حكومة توافق وطني، توج باعلان الدوحة الذي مثل هو الاخر اساسا عمليا للاستمرار وفتح افاقا للتحضير لانتخابات تشريعية ورئاسية تعيد توحيد النظام السياسي ، كل هذه الجهود ولا زال الانقسام سيد الموقف ولا جديد يذكر سوى تصريحات هنا ولقاءات هناك تعكر صفو ما تم  وتضع العصي في الدواليب وتضيف المزيد من الشكوك  حول ما ستؤول اليه الامور في نهاية المطاف .

وباستعراض سريع لمحطات الاتفاقات التي جرى التوقيع عليها او التفاهم حولها بين الاطراف منذ وقوع الانقسام صيف حزيران 2006  نرى ان هذه الاتفاقات لم تكن لتحترم بغض النظر عن الجهة الراعية او الموقعة وان الامور لا تعدو عن كونها مصافحات وابتسامات وصور تذكارية تحت ضغط اطراف معينة على هذا الفريق او ذاك وتستمر المأساة  دون نهاية محتملة او قريبة

وهذه نظرة نستعرض من خلالها اهم المحطات لجولات الحوار والاتفاقات التي تم التوصل اليها على مدار  السنوات الماضية

- اواخر حزيران 2006 اعدت قيادات من  الحركة الاسيرة  وثيقة او مبادرة عرفت بوثيقة الاسرى التي دعت الى انهاء الانقسام فورا ، وحددت العديد  من القضايا تتعلق بالمقاومة ، والنظام السياسي ، الحكومة ، منظمة التحرير ، الانتخابات ........ الخ وتم تبنيها من الجميع لكنها لم تطبق

- التاسع عشر من كانون ثاني 2006 – اطلقت منظمة المؤتمر الاسلامي بعد مشاورات ولقاءات عديدة مبادرة تم بموجبها الاتفاق على 9 نقاط تضمنت سحب المسلحين من الشوراع ، والاحتكام للقانون ، وتشكيل غرفة عمليات مشتركة من كافة القوى ، ولجنة تحقيق  محايدة فيما جرى  ولكنها هي الاخرى ذهبت ادراج الرياح ولم يتم العمل بأي بند من بنودها .

- الثامن من شباط 2007  بعد جهود شاقة وبرعاية سعودية تم التوقيع على اتفاق مكة الذي تضمن بنودا واضحة تحرم الدم الفلسطيني ، واعتماد الحوار كأساس وحيد لمعالجة الخلافات والتباينات السياسية  ، و كذلك تشكيل حكومة وحدة وطنية وتطوير المنظمة برنامجها ومؤسساتها ، واعادة بناء هذه المؤسسات وقوبل الاتفاق بمباركة عربية وعمت الفرحة اوساط الشارع الفلسطيني لكنها لم تلبث ان تبخرت امام استمرار الانقسام دون الوصول الى النتيجة المرجوة باستعادة الوحدة  .

-  بعد نحو عام من هذا الاتفاق اي في الثاني والعشرين من اذار 2008 وقع في العاصمة اليمنية صنعاء اتفاق جديد من 7 نقاط ينص على عودة قطاع غزة الى وضعه السابق اي قبل حزيران 2006  والالتزام باجراء انتخابات رئاسية وتشريعية مبكرة ، واحترام القانون من قبل الجميع ، وبناء الاجهزة الامنية ، وتشكيل حكومة وحدة وطنية تقوم الجامعة العربية بمتابعة تنفيذ بنود الاتفاق الذي تم التوصل اليه عبر لجنة خاصة تتولى تشكيلها .

- حزيران 2008 رعت السنغال حوارا وطنيا تمخض عن الاتفاق في العاصمة دكار برعاية الرئيس عبد الله وال تضمن البدء بحوار \' اخوي\' بين الاطراف المختلفة وكان بمثابة اعلان نوايا سرعان ما تلاشى دون  ان يكاد يذكر مع استمرار الانقسام

- في التاسع من تشرين ثاني 2008 اعلن من القاهرة عن اطلاق دعوة او مبادرة جديدة تضمنت ثلاثة نقاط وهي ضرورة توفر ارادة للحوار وانهاء الانقسام وتحديد الاهداف المرجوة منه، واجندة واضحة لهذا الحوار ولم تلق تلك الافكار اذانا صاغية .

- بتاريخ 21/10/2008 تم توزيع مسودة الاتفاق الذي توصلت اليه القوى والفصائل برعاية مصرية وعرفت بمسودة اتفاق تضمنت الحديث عن وحدة الاراضي الفسطينية جغرافيا وسياسيا، وان الحوار هو الوسيلة الوحيدة لانهاء الخلافات وشددت على المصالحة الوطنية التي تسمو على الحزبية الضيقة

- بعد نحو عام من ذلك في السابع عشر من ايلول 2009 تم طرح اتفاق الوفاق الوطني عبر الورقة المصرية ، وتضمنت هي الاخرى تفعيل منظمة التحرير وتطويرها ، اجراء الانتخابات الرئاسية والتشريعية بالتزامن مع انتخابات المجلس الوطني حيث تم تحديد 28/6/2011 موعدا لها ، اعادة بناء الاجهزة الامنية على اسس  مهنية باشراف مصري وعربي ، وقف التحريض والتراشق الاعلامي وتشكيل لجان المصالحة ، وتم الاعلان عن تشكيل لجنة من كافة الفصائل بعد ان وقعت عليها .

- التاسع من تشرين ثاني 2010 احتضنت العاصمة السورية دمشق في حينه جولة اخرى من الحوارات الفلسطينية التي ضمت قيادات من الفصائل ، وكانت محطة لمناقشة مواقف الاطراف غير انها لم تفضي الى نتيجة تذكر .

- في شباط 2011 مع اندلاع الثورات العربية او ما يعرف \' بالربيع العربي  \' شهدت الاراضي الفلسطينية حراكا  وفعاليات شبابية ولعدد من منظمات المجتمع المدني التي نظمت فعاليات عديدة واعتصامات للمطالبة بانهاء الانقسام ، واستمرت عدة اسابيع ولكنها لم تكن بحجم التاثير الفعلي لانهاء الانقسام بضغط شعبي وجماهيري من الشارع .

- منتصف اذار 2011 في خطاب له بمقر المقاطعة برام الله اعلن الرئيس محمود عباس استعداده للذهاب الى غزة لتوقيع المصالحة مع حماس وانهاء الانقسام وعزمه لقاء قيادة الحركة في القطاع لطي هذه الصفحة الا ان الزيارة لم تتم .

- في 27/4/2011 اعلن في القاهرة  عن تتويج الجهود المصرية بالتوصل الى اتفاق ينهي الانقسام الداخلي ويضع حدا له تم التوقيع عليه يوم الرايع  من ايار بمشاركة القوى كافة وبحسب الاتفاق الجديد ستجرى انتخابات رئاسية وتشريعية وللمجلس الوطني في غضون عام ، وتشكيل لجنة مشتركة لاعادة هيكلة وتفعيل منظمة التحرير ، وتشكيل مجلس اعلى للامن ، وتشكيل حكومة مؤقتة من شخصيات مستقلة وهو ما فتح الطريق لحالة من التفاؤل سادت اوساط وقطاعات واسعة في المجتمع الفلسطيني

- استمرت المشاورات واللقاءات لتنفيذ بنود الاتفاق ووضع اليات الواضحة لذلك بمشاركة كافة الفصائل والقوى ، حيث اصدر الرئيس محمود عباس مرسوما رئاسيا يقضي باعادة تشكيل لجنة الانتخابات المركزية ، وتشكيل كافة اللجان الاخرى لبدء العمل وتم ذلك اواخر كانون ثاني 2011

- فيما كانت المحطة الاخيرة في اعلان الدوحة يوم السادس من شباط 2012 الماضي الذي تضمن تشكيل حكومة وحدة يتولى الرئيس عباس رئاستها وهي لفترة انتقالية تتشكل من مستقلين وتكون مهمتها الاعداد للانتخابات ، واعادة اعمار قطاع غزة ومثل اعلان الدوحة تتويجا لجهود ومسار طويل من الحوارات العسيرة في محطات الحوار الوطني السابقة .

وبالنظر الى تلك المحطات يمكن ان تتكشف الصورة في ان هذه الحوارات التي استمرت  على مدار السنوات الماضية والتي اعقبت تلك الحوارات في معظم الاحيان جرى توقيع اعلانات او تفاهمات او وثائق للوصول الى اتفاق ، وابرمت جميعها او معظمها برعايات عربية وبشكل خاص كان لمصر نصيب الاسد فيها ، الا ان الموقف بقي على حاله في نهاية الامر ولم يتم احراز الهدف المنشود بتحقيق المصالحة على الارض ولم يلمس الشارع والمواطن العادي تغييرا جوهريا فيما يجري

والعبرة  في ذلك ايضا ان الموضوع لا يتعلق بالتواقيع ولا حتى مكان التوقيع فمن السجون ووثيقة الاسرى الى دكار في السنغال ثم مكة والقاهرة والدوحة ورام الله وغزة كلها شهدت جولات طويلة  استمرت مئات الساعات من العمل الشاق كلها كانت محكومة بالفشل ولم تحقق الانجاز الذي طال انتظاره ، فالعبرة هنا تكمن في الارادة السياسية  بدل الاحتكام احيانا الى نظرات ضيقة للحفاظ على \' مكتسبات \' تتعلق بحساب الربح والخسارة ذاتيا وليس وطنيا .

هذا الاستعراض لتواريخ ومحطات الحوارات الطويلة لما يزيد عن  ستة اعوام من الانقسام يفتح الباب من جديد لتساؤلات مشروعة عديدة من حق المواطن ان يطرحها لذوي الامر والقرار الى متى ستستمر هذه الحالة ؟؟ ومتى يمكن لنا ان نشهد واقعا مغايرا لما يجري ؟؟

الفترة المقبلة ربما تشهد حراكا لانهاء الانقسام الداخلي فلا يعقل ان تستمر الحالة الراهنة التي توصف \'بالغريبة  والشاذة \' ونرى انهيار الحلم ببناء مستقبل الاجيال المقبلة ولانحرك ساكنا ، واذا كانت سبعة عشرة جولة او اتفاقا او ما يزيد كما تم استعراضها سابقا لم تفلح في اقناع الاخوة الخصوم للعودة للوحدة والنزول عن الشجرة فلماذا لا يكون التغيير من الاسفل الى الاعلى اي من القاعدة للقمة عبر الارادة الشعبية  مؤسسات العمل الاهلي والجمعيات وقوى المجتمع المدني بامكانها ان تلعب دورا فاعلا في ذلك وان يكون لها صوتها في تحشيد الشارع لاسقاط الانقسام بقوة الارادة  الشعبية .

السؤال المطروح للجميع لماذا علينا ان نعود انفسنا على تقبل فكرة ان الانقسام حالة مستدامة في حياتنا غير قابلة للاطاحة بها ؟؟؟ وان ممارسة رياضة فكرية في احداث التغير المنشود تبدو مستحيلة ؟؟؟ مع انها ليست كذلك باي حال من الاحوال ؟؟ ام ان الانقسام دخل تفاصيل الحياة اليومية والمعيشية يتأثر به رب الاسرة والموظف والطالب ، والمعلم ، والعامل ، وكافة شرائح المجتمع،  تتراجع حياة القطاعات وقوى الانتاج وتتضرر مصالح الغالبية الساحقة بسببه وهي ليست سببا فيه !!! فلماذا لا تدق ساعة العمل لانهاء هذه الصفحة مرة واحدة وللابد .

فصل اخر من فصول الانقسام اكثر عمقا وللاسف يولد مع كل توقيع على اعلانات ووثائق المصالحة يتبعها تلاشي للامال الكبيرة التي علقت عليه ثم يولد شعور قاتم يتكرس معه جوهر هذا الانقسام المدوي فيترك ندوبا قاسية ويخيم على المشهد صورة الاحباط ، واهتزاز الثقة وفقدان القدرة على التغيير .

اما ان لهذا الانقسام البغيض ان ينتهي من تفاصيل حياتنا ؟؟ والكل بات يدرك ان اطالة امد الانقسام من شأنها اطالة عمر الاحتلال وان الوصول للحقوق الوطنية لا يمكن ان تتحقق بدون استعادة الوحدة ، وان ضمان الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والديمقراطية مقدمة للوصول للحقوق الوطنية عبر انهاء الانقسام ايضا .

وتكمن النتيجة النهائية التي يخلص اليها هذا الاستعراض السريع ايضا لمحطات الحوار التي جرت في عديد من العواصم ولم تسفر عن اي تقدم يذكر وبالتالي هذا يفتح المجال للسؤال عن امكانية بدء حوار وطني جدي في الداخل هنا في رام الله وغزة يضع النقاط على الحروف ، ويباشر فورا بتنفيذ بنود اتفاق القاهرة الاخير لسنا بحاجة الى جولات واتفاقات جديدة كل ما ذكر من محطات او واحدة منها كفيلة بانقاذ الوضع من خطر الانهيار المحدق، النتيجة مفادها ضغط شعبي واسع ولقاءات برعاية المجتمع المدني والاطر والاجسام المحلية الموجودة وذات التاريخ الطويل، هذه المرة عبر ضغط  شعبي يعيد الاعتبار للقضية الوطنية ويحافظ على ما تبقى من النظام السياسي ويعيد الهيبة لمبدأ سيادة القانون بعد هذه السنوات الطويلة التي تحتاج الى افعال على الارض للخلاص من اثارها ، فالانقسام لا يعالج بالامنيات نحن فعلا بحاجة الى للراحة ثم التفرغ لاستكمال مسيرة التحرر بعد ان نطوي هذه الصفحة ، نحتاج الى تجديد الثقة بشرعية المؤسسات ، والى ورشة عمل وطنية واسعة بمشاركة كافة الاطراف الرسمية والاهلية والشعبية تضع عناوين التحرك المقبل وتحافظ على قضيتنا الوطنية فصراعنا مع الاحتلال لم ينتهي وبحاجة الى كل جهد وان لا نضيع المزيد من الوقت.

28/5/2012