انتهى - بقلم: الوف بن

2010-12-29

انتهى

الكاتب: الوف بن /  هاأرتس

"أنهى رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو فعليا فترته كرئيس للوزراء. والواقع أن الأمر يتعلق بمنحدر لن ينتهي إلا عند الانتخابات المقبلة، من دون أي إنجازات ومن دون أي أجندة، وسيقضي نتنياهو ما تبقى من وقته في شراء الهدوء السياسي وصد الضغوط الدبلوماسية. وبدلا من المبادرة والقيادة، فسينشغل في جهود عقيمة لمنع أي تحركات إلى أن يسقط من السلطة.

كان الارتباك والشلل واضحين في المقابلة التي أجرتها مع نتنياهو يوم الاثنين القناة العاشرة في التلفزيون الاسرائيلي من شرفة مقره الرسمي في القدس. وقد انتهك القاعدة الاولى في حياته السياسية: عندما لا يكون لديك شيء لتقوله، فمن الأفضل أن تلتزم الصمت. رئيس الوزراء حضر للمقابلة من دون أن يكون لديه أي رسالة جديدة، ومن دون أي طريق نحو الأمام، وأضاع وقته على الهواء في محاولة لتبديد الانطباع بأنه "منشفة صحون" لوزير الخارجية افيغدور ليبرمان، وزوجته سارة.

عندما يجري رئيس الوزراء مقابلة كهذه وسط الأسبوع، يكون هذا إشارة واضحة الى أدائه السيء والى عدم استعداد أحد للتصدي له على الهواء. ولم يكن من شأن استقالة مستشاره لشؤون الاتصال، نير حافتس، بعد ساعتين من المقابلة المربكة، الا تأكيد الانطباع بأن نتنياهو معزول ولا يوجد من يتحدث بالنيابة عنه علنا.

لقد تعرض نتنياهو خلال الأسبوعين الماضيين، وصولا إلى التصويت على آخر موازنة لحكومته الحالية، للإهمال من جانب شركائه في الائتلاف. وكعادته، فقد حاول إرضاءهم جميعا. منح ليبرمان، زعيم حزب "اسرائيل بيتنا" قانون اعتناق الجنود لليهودية. وحصل إيلي يشاي من حركة "شاس" على مخصصات مالية لطلاب المعاهد الدينية اليهودية، كما قدم لأيهود باراك مزيدا من الأموال لموازنة الدفاع.

كل واحدة من تلك الهزائم عززت الانطباع بأن نتنياهو يتم اقتياده من أنفه. وقد أجبر مرتين على ان يعلن أن البيانات الدبلوماسية التي يصدرها ليبرمان، ووزير الدفاع باراك "لا تمثل موقف الحكومة"، بعد أن قسّم باراك القدس، وقال ليبرمان إن أي اتفاق سلام نهائي سيؤدي فورا إلى انهيار الإئتلاف.

ولا يجب أن يلوم نتنياهو إلا نفسه على حالته المؤسفة. وقد جاءت نقطة القطع التي بدأ بعدها انهياره في الصيف الماضي عندما رفض عرض تسيبي ليفني زعيمة حزب "كاديما" الانضمام الى الحكومة في مكان ليبرمان. وفضّل نتنياهو أن تكون ليفني زعيمة لمعارضة مترنحة على خطر ليبرمان الذي قد يتمكن من ان يسرق منه الناخبين اليمينيين في "ليكود" الذي يرأسه رئيس الوزراء.

لو كان (نتنياهو) قد تحلى بالشجاعة ليعيد تشكيل ائتلافه ويخوض في عملية سلمية مكثفة مع الفلسطينيين، لكان الضغط الدولي على إسرائيل قد اضمحل، ولكان رئيس الوزراء قد بدا قائدا ورياديا. لكن نتنياهو لجأ إلى "شركائه الطبيعيين"، ليبرمان ويشاي، واحتمى خلف أصدقائه الجمهوريين في الكونغرس الأميركي، رافضا مبادرة الرئيس الأميركي باراك أوباما لتعجيل المفوضات بشأن الحدود المستقبلية بين إسرائيل والدولة الفلسطينية. هزم نتنياهو أوباما لكنه عانى من خسارة مزدوجة. فهو لم يترك بلا برنامج فحسب، بل أظهر ضعفه ما شجع ليبرمان على انتقاده علنا.

عزا نتنياهو فشله في فترته الأولى كرئيس وزراء الى تمنعه عن تشكيل حكومة وحدة وطنية. لكن من المخجل أنه لم يتعلم من الدرس وأنه كرر الخطأ نفسه في فترته الحالية. والجدل السخيف بأن التحالف السياسي مع باراك هو شكل لهذه الحكومة لم يقنع أحدا. فحزب العمل الممزق لا يشكل نظيرا مكافئا للأحزاب اليمينية في الحكومة. وقد تظاهر نتنياهو للحظة بأنه يمثل حكومة وسط حين تقبل مبدأ دولتين لشعبين وجمد البناء في مستوطنات الضفة الغربية. لكن حين حانت لحظة الحقيقة، بقي في بيئته الطبيعية مع اليمين المتطرف.

وفي لحظة صدق خلال المقابلة التي أجريت معه يوم الاثنين، اشتكى نتنياهو من أنه قد تم الحكم عليه بحالة الجمود الدبلوماسي وأن انجازاته الاقتصادية يتم تجاهلها. وقال: "الفلسطينيون ليسوا على استعداد للتقدم نحو السلام، لذا فإن الدولة كلها عالقة".

إذا كان الأمر كذلك، فقد نجح الرئيس الفلسطيني محمود عباس في خطته بعدم فعل أي شيء حتى يؤدي الضغط الدولي إلى إسقاط نتنياهو. ما الذي يمكن القيام به؟ ان تقييم رؤساء الوزراء الإسرائيليين يتم بناء على نجاحهم في تسوية الصراع مع العرب وليس بناءً على تشبثهم بالحفاظ على الوضع الراهن.

من الآن فصاعدا، ستتغير الأجندة. فبدلا من زرع الآمال الكاذبة بالتوصل إلى اتفاق سلام، يجب أن ينصب الجهد الدولي على تجنب الحرب. نتنياهو حذر في استخدام القوة العسكرية، لكن سنوات الانتخابات تميل إلى التصعيد العسكري. وسيكون على أوباما أن يضاعف إشرافه على رئيس الوزراء من أجل تجنب عملية "الرصاص المسكوب 2" أو عملا عسكريا إسرائيليا ضد إيران".

29/12/2010