تقرير: إرهاب المستعمرين يسجل مستويات قياسية في الضفة

2024-04-20

قال تقرير أعده المكتب الوطني للدفاع عن الأرض ومقاومة الاستيطان، إن سلطات الاحتلال الإسرائيلي تمارس إرهابا منظما في طول وعرض الضفة الغربية، ولا تكتفي بتمزيق الضفة عبر الحواجز العسكرية والبوابات الحديدية والسواتر الترابية، بل وتشن اقتحامات للمدن والبلدات والقرى والمخيمات بشكل مستمر، وسط قتل وهدم منازل واعتقالات، وتوفر في الوقت ذاته الحماية لاعتداءات المستعمرين.

وأضاف المكتب في تقرير الاستيطان الأسبوعي، اليوم السبت، أنه لا يندرج ما يقوم به المستعمرون من اعتداءات في إطار تصرفات فردية أو حوادث معزولة ومتفرقة، بل هو عمل منظم يجد الدعم والتشجيع من أوساط سياسية في الحكومة والكنيست الإسرائيلية، ومن أوساط متنفذة في شرطة وجيش الاحتلال.

وأكد تصاعد الاعتداءات الإجرامية للمستعمرين والجماعات الاستعمارية التي تتخذ من المستعمرات والبؤر الاستعمارية، وما يسمى بالمزارع الرعوية ملاذات آمنة، بحماية جيش الاحتلال وفرق الطوارئ التي شكلها وسلحها الوزير المتطرف ايتمار بن غفير.

وأوضح التقرير أن اعتداءات المستعمرين والجماعات الاستعمارية تجاوزت حرق مزروعات وأشجار الفلسطينيين، وسرقة محاصيلهم، وتدمير آبار مياههم، والحيلولة بينهم وبين الاستفادة من ينابيعهم، واقتحام منازلهم في بلداتهم وقراهم، وقطع طرقهم، ورشق مركباتهم بالحجارة، ودخلت طورا جديدا من الإرهاب المنظم، باستخدام الأسلحة واستسهال الضغط على الزناد، حيث وصل عدد الشهداء الذين ارتقوا برصاص مستعمرين منذ 7 تشرين الأول/ أكتوبر الماضي وحتى اليوم 18 شهيدا.

وذكر أن المستعمرات تحولت لترسانات مسلحة ودفيئات لتفريخ الفكر الإرهابي وتشكيل تنظيمات تحولت الى قوة ضغط وعدوان، تتحدى إن جاز التعبير حتى الإجراءات التي تتخذها سلطات الاحتلال لبقاء الأوضاع تحت السيطرة، لامتصاص ردود الفعل الدولية التي تندد بعنف المستعمرين، لكنها تبقى إجراءات تمييزية واضحة.

ومن وجهة نظر منظمات مجتمع مدني إسرائيلية، فإنها ترى أن المستعمرين أصبحوا أقوى جماعة ضغط سياسية في إسرائيل، ولهم من يساندهم في الحكومة والكنيست الإسرائيلية، ومنطقها السلاح، وتسيطر على معلومات حيوية، حتى أصبحت لهم دولة، وكأن اسرائيل هي حكم أجنبي، مثل الانتداب البريطاني في حينه، يأخذون من السلطة ما هو ممكن، ويسيطرون على الأملاك والأراضي قدر الإمكان، ويتجاهلون غير ذلك.

وذكر التقرير أن عنف هؤلاء المستعمرين الذي ترعاه دولة الاحتلال، يبقى جزءا لا يتجزأ من نظام الأبرتهايد الإسرائيلي الطامح إلى تهويد المكان، وتشظية المجال الفلسطيني وتفتيته، وتجريد الفلسطينيين من أراضيهم وزجهم في معازل، ولا تترك لهم مجالا حتى للاعتراض أمام القضاء.

وبالاستناد إلى معطيات منظمات حقوقية إسرائيلية على امتداد الأعوام الـ15 الماضية، فإن متابعة ملفات التحقيق في عنف المستعمرين مسألة شكلية، حيث فُتح على امتداد تلك الأعوام أكثر من 1,200 ملف وتم تقديم لائحة اتهام فقط في 100 منها.

وأوضح أن الجديد في عنف وإرهاب المستعمرين، الذي ينطلق في معظمه من البؤر الاستعمارية وما يسمى بالمزارع الرعوية، أنه تضاعف في مختلف مناطق الضفة الغربية منذ بداية العدوان على قطاع غزة بشكل كبير، عما كان عليه قبل 7 تشرين الأول/ أكتوبر الماضي، خاصة بعد تسليح أكثر من 17 ألف مستعمر منذ ذلك الوقت، وبعد تشكيل ميليشيات خاصة بهم، من فرق طوارئ وغيرها، وإطلاق يدهم بالكامل من قبل جيش الاحتلال الإسرائيلي.

وكان لمحافظة رام الله والبيرة النصيب الأكبر من هذا العنف، حيث واصل المستعمرون هجماتهم بحماية قوات الاحتلال على عدة قرى شمال مدينة رام الله وشرقها ومنها: (المغير، وبيتين، ودير جرير، وسلواد، وعين سينيا، وأبو فلاح، وبرقة، وعطارة، والمزرعة الغربية)، وأدى لاستشهاد مواطنين هما: جهاد أبو عليا من المغير، وعمر حامد من بيتين، وإصابة العشرات، وإحراق عشرات المنازل والمركبات.

وكانت قرية المغير الأسبوع الماضي، مسرحا لهجمات المستعمرين، الذين اعتدوا مع جيش الاحتلال على القرية بدعوى البحث عن مستعمر كان يرعى أغناما في بؤرة استعمارية رعوية في المنطقة، الذي وردت معلومات عن وفاته بلدغة أفعى فلسطين، حسب الصحفي الاسرائيلي المعروف باراك رفيد، فاستباح المستعمرون القرية ومحيطها في عمل وحشي أسفر عن استشهاد أبو عليا، وإصابة 10 آخرين وإحراق أكثر من 40 منزلا ومركبة.

وأقام المستعمرون 5 بؤر استعمارية رعوية على القمم المحيطة بالقرية، التي يحاصرها الاستعمار من كل جانب بعد أن أبقى لهم فقط 1200 دونم من مساحة أراضي القرية التي تبلغ 41 ألف دونم، تمتد على طول شفا الأغوار الفلسطينية في تلك المنطقة الحيوية.

أما محافظة نابلس، فقد كانت بدورها على موعد مع موجة إرهاب نفذها عدد كبير من المستعمرين، الذين تصفهم دوائر سياسية وإعلامية في الولايات المتحدة الأميركية، ودول عدة في الاتحاد الاوروبي بـ"العنيفين".

وأشار التقرير إلى أن مسرح موجة الإرهاب هذه، شملت قرى: عصيرة القبلية، واللبن الشرقية، وجالود، وقريوت، وقصرة، ودوما، وخربة الطويل شرق بلدة عقربا، التي تعرضت لهجوم أسفر عن استشهاد محمد بني جامع، وعبد الرحمن بني فاضل، ما رفع حصيلة الشهداء في الضفة الغربية منذ 7 اكتوبر إلى 468، بينهم 18 برصاص مستعمرين، فيما أصيب أكثر من 4800 آخرين.

وأكد أن آلة الاستعمار والتهجير والتطهير العرقي التي تمارسها سلطات الاحتلال لا تتوقف عن، خاصة في مدينة القدس، حيث أصدرت المحكمة "العليا" الإسرائيلية الأسبوع الماضي، أمرا بإخلاء 15 فلسطينيا من بيوتهم في بلدة سلوان لصالح المستعمرين.

ولم تكتف المحكمة بأمر إخلاء المبنى الذي تعيش فيه ثلاث عائلات وإمهالهم حتى الأول من حزيران/ يونيو المقبل، بل قامت بتغريم العائلات مبلغ 5 آلاف شيقل كأتعاب لمحامي المستعمرين.

وفي حكم آخر قررت محكمة الاحتلال في القدس، إخلاء 20 مواطنا من عائلة صالح، من بيوتهم التي يعيشون فيها في حي الشيخ جراح منذ عشرات السنين، وإمهالهم حتى 17 تموز/ يوليو المقبل لصالح المستعمرين، ودفع مبلغ 80 ألف شيقل لشركة "نحلات شمعون" المسجلة في الخارج، ويسيطر عليها نشطاء اليمين.

وفي القدس كذلك، قدمت منظمة "أمانا" الاستعمارية مؤخرا خطة جديدة الى ما تسمى "لجنة التخطيط والبناء المحلية" تطلب منها بناء 6 طوابق إضافية الى مبناها القائم، والمكون حاليا من طابقين في حي الشيخ جراح، وتشمل مكاتب ومساحات تجارية وقاعة للمؤتمرات والفعاليات، بارتفاع يصل الى 8 طوابق مقابل مقر قيادة شرطة الاحتلال القطرية.

وكانت المنظمة قد حصلت في تسعينيات القرن الماضي على أرض خاصة تم الاستيلاء عليها من الفلسطينيين في حي الشيخ جراح.

هذه الخطة ليست لمجرد إدخال مبنى استعماري إضافي، بقدر ما هي هدية جديدة لهذه المنظمة الاستعمارية لتطوير مصادر دخلها، حيث تقوم بلدية الاحتلال بالقدس باستئجار مكاتب منها في المبنى، واختارت تشغيل مكتب الرفاه الاجتماعي وستتمكن المنظمة من تحويل المبنى إلى مساحة تدير فيها نشاطا توسعيا استعماريا.

وتصعد سلطات الاحتلال من عمليات الاستيلاء والتجريف وإخطارات الهدم في مناطق متفرقة بالضفة الغربية لصالح التوسع الاستعماري.

فقد أصدرت قرارا عسكريا بالاستيلاء على 64 دونما من أراضي المواطنين في منطقة "البويرة" شمال مدينة الخليل، لصالح إقامة مستعمرة سكنية وصناعية في خطوة تستهدف تهجير المواطنين، الذين يبلغ عددهم ما يُقارب 8 آلاف مواطن، للاستيلاء على نحو 800 دونم.

وتشكل منطقة "البويرة" التي يصفها سكانها بـ" جنة الله على الأرض" لتمتعها بكروم العنب وبساتين الفاكهة وبرك المياه، والمناظر الخلابة، واحدة من المناطق المستهدفة بالتوسع الاستعماري، وهي تخضع للسيطرة الإسرائيلية، وتقع بين مستعمرتي "كريات أربع" و"خارصينا" على مساحة 2000 دونم، وتحيط بها بؤر استعمارية جديدة، ويعتبرها الاحتلال امتدادا للتوسع الاستعماري الطبيعي.

ويتعرض مواطنو "البويرة" لاعتداءات المستعمرين من "خارصينا"، و "كريات أربع"، والبؤر المحيطة بالمنطقة، فضلاً عن حرمانهم من الوصول إلى أراضيهم عبر الشارع المحاذي للمستعمرة، والاستيلاء على قمم للتلال التي تقع خارج جدار الفصل العنصري، وفتح طرق ترابية فيها كإشارة إلى الاستيلاء عليها، وإعلانها مواقع توسع مستقبلية.

كما شرع المستعمرون بإنشاء بؤرتين استعماريتين جديدتين على أراض مهددة بالاستيلاء في منطقة عين الحلوة بالأغوار الشمالية إلى الشرق من شارع "60" بالقرب من التجمعات البدوية التي تتبع منطقة وادي المالح على بعد 20 كيلومترا من مدينة طوباس، وشرعوا بأعمال إنشاء بؤرة ثالثة عند نبع مياه العوجا شمال أريحا.

ويقيم على هذه البؤرة مستعمر يسكن في بؤرة استعمارية بجوار تجمع المعرجات يدعى "زوهر"، سبق وأن نفذ العديد من الاعتداءات على المواطنين في تلك المنطقة.

وهدد المستعمرون العائلات البدوية في تجمع رأس عين نبع العوجا، بإزالة خطوط المياه التي تغذي تجمعاتهم البدوية.