د. يوسف جبارين: قرار المحكمة الدولية إنجاز مهم في مساعي إنهاء الحرب ونحو إحقاق حقوق الشعب الفلسطيني

2024-01-27

قال المختص في القوانين الدولية والناشط الحقوقي والقيادي في الجبهة الديمقراطية للسلام والمساواة، د. يوسف جبارين، في حديث لصحيفة "الاتحاد" الحيفاوية، حول قرار محكمة العدل الدولية بشأن الحرب العدوانية على قطاع غزة:

"في القراءة القانونية، فلا شك أنّ قرار المحكمة يشكّل إنجازًا هامًا للدعوى الجنوب افريقيّة، إذ قبلت المحكمة بإنفاذ صلاحياتها القضائيّة الدّوليّة ضدّ إسرائيل وحربها على غزّة في سياق العقد الدّولي لمنع ومعاقبة الإبادة الجماعيّة، كما وقرّرت أيضًا إصدار أوامر احترازيّة تهدف إلى حماية المدنيين الفلسطينيين، بالإضافة إلى القرار القاضي بمحاسبة التّصريحات الّتي صدرت عن مسؤولين اسرائيليين والّتي تضرب بعرض الحائط معايير القانون الدولي الانساني. بعد هذا القرار، فإنّ واجب إسرائيل القانونيّ بالامتناع عن المسّ بالمدنيين واتخاذ كلّ الإجراءات لإنهاء معاناتهم أصبح محكومًا لقرار خاص وعينيّ من المحكمة الدّوليّة، وليس فقط لالتزام عام بحسب وثيقة الإبادة الجماعيّة".

وقال جبارين: "ثمة اهمية خاصة ايضا للأمر التنفيذي الذي تبنته المحكمة والذي يلزم الطرف الاسرائيلي بتقديم تقرير شمولي بعد شهر حول الاجراءات التي سيتخذها الطرف الاسرائيلي تمشيًا مع قرار المحكمة، اذ يؤكد مثل هذا الأمر القضائي على ان المحكمة عازمة على المضي قدمًا في متابعة تنفيذ قراراتها وتقييم التطورات الميدانية مجددًا خلال فترة محدودة".

وتابع: "وبهذا المفهوم، فان قرار المحكمة يعزز على الصعيد الدولي مبدأ المقاضاة الدولية والمسؤولية الاممية عن حماية معايير قانون حقوق الانسان والقانون الدولي الانساني. ويحمل هذا اهمية خاصة في ايامنا في ظل ما يشهده العالم في العقد الأخير، وخصوصًا خلال فترة رئاسة ترامب للإدارة الامريكية، من تراجع مواقف الانظمة السياسية المسيطرة دوليًا عن دعم المنظومة القضائية الدولية، واحيانًا لدرجة معاداتها".

وتابع: "لا شك ان قرار محكمة العدل الدولية هو انجاز قانوني وسياسي هام لجنوب افريقيا في مساعيها لإيقاف الحرب على غزة من خلال القضاء الدولي، وهو يعزز ايضا مكانة المؤسسات الدولية الحقوقية عمومًا ويقوّي من مكانة المعايير الاممية الانسانية التي تنص عليها المواثيق الناظمة للقانون الدولي. في الصراع بين المبادئ الانسانية للقانون الدولي وبين هيمنة القوى السياسية المتنفذة، سجّل القانون الدولي نقاطًا لصالحه في هذه الجولة في لاهاي".

وقال: "ومن الاهمية بمكان قراءة قرار المحكمة ضمن السياق الدولي الاوسع للنظام الدولي الذي يسعى لفرض معايير قانون حقوق الانسان الدولي من خلال مسارات وامكانيات قضائية متوازية، وخاصة تلك المتعلقة بمحكمة الجنايات الدولية في لاهاي وفي صلب اختصاصها مساءلة ومحاسبة قيادات سياسية وعسكرية على اساس فردي، وكذلك المحاكم المحلية في العديد من الدول الاوروبية التي تشمل منظومتها القضائية على صلاحيات مساءلة ومحاسبة انتهاكات القانون الدولي الانساني ضمن قوانينها المحلية".

وتابع: "وفي سياق قرارات محكمة العدل الدولية، فان النظر الى قرارها المرحلي هذا حول الحرب على غزة يجب ان يكون مرتبطًا بقرار المحكمة الاستشاري قبل 20 عامًا حول جدار الفصل العنصري في الاراضي الفلسطينية المحتلة عام 1967. لقد اقرّت المحكمة بهذا القرار في العام 2004 بحق الشعب الفلسطيني بإقامة دولته المستقلة في الضفة الغربية والقدس وغزة، وذلك بما يتماشى مع قرارات المؤسسات الدولي وبحسب معايير القانون الدولي والنصوص العديدة حول حلّ الصراعات وحقوق الشعوب".

وختم جبارين: "يبقى الاساس هو الجمع بين هذين القرارين نحو تنفيذ شامل للقرار الأخير على ارض الواقع من خلال ايقاف الحرب، والانطلاق بعد ذلك مباشرة ضمن مبادرة دولية لتنفيذ القرار الاول من خلال احقاق حق الشعب الفلسطيني بإقامة دولته ذات السيادة وعاصمتها القدس".