أوقفوا نزيف الهجرة | محسن ابو رمضان

2023-09-24

أوقفوا نزيف الهجرة

| محسن ابو رمضان

كتبت مقالا بذات العنوان قبل أربعة سنوات من الان وقد اردت تكرار ذات العنوان بهذا الوقت.

كانت ظاهرة الهجرة بدأت تبرز بوضوح  في مجتمع قطاع غزة.

لم أكن اعتقد انها ستنمو بهذه الصورة المتصاعدة التي لمستها بوضوح في زيارتي الأخيرة لبعض بلدان أوروبا.

تتراوح الاعداد حول عدد المهاجرين من قطاع غزة الا ان العدد متصاعد ويتزايد ويدعو للقلق.

يعود سبب القلق الي ان واحدة من  مرتكزات الصراع مع الاحتلال تعود الي العامل السكاني او الديموغرافي.

يستند المشروع الاستعماري الصهيوني علي طرد السكان الفلسطينيين أصحاب الأرض الاصلانين واحلال المستوطنين الصهاينة الجدد علي انقاضهم.

تعيش دولة الاحتلال حالة من عدم الارتياح لان عدد الفلسطينيين علي ارض فلسطين التاريخية يتساوى او يزيد قليلا عن الإسرائيليين وهو ما يسبب المأزق الاستراتيجي الرئيسي لدولة الاحتلال وللمشروع الصهيوني .

لا تستطيع دولة الاحتلال تكرار نماذج التطهير العرقي التي نفذتها عام 1948بذات الوسائل والاساليب ولكنها تحاول تنفيذ ذلك بوسائل اخري عبر التضيق علي حياة الفلسطينيين ودفعهم نحو الهجرة الطوعية .

لقد أعلن سموتريتش في خطة الحسم ان أمام الفلسطينيين ثلاثة خيارات اما الهجرة او العيش كعبيد تحت الاستعمار الكولنيالي او الموت اذا قرروا الكفاح والمقاومة من خلال قوة جيش الاحتلال حسب اعتقاده.

ان مسألة الصمود والبقاء بالوطن ليست مقولة عابرة فهي تتناقض مع المشروع الاستعماري الصهيوني وتعزز من القدرات الفلسطينية في مواجهة التحديات المصيرية التي تواجهه.

لا تكمن المسألة بالصمود الوطني فقط ولكنها تشمل أيضا استثمار الطاقات والقدرات الفلسطينية والتي تعني رأسمال الاجتماعي في زيادة منعة وقوة المجتمع الفلسطيني.

لا يعقل قيام الأسرة باستثمار طاقاتها المالية والتربوية بالطالب او الشاب ثم توظف هذه النتائج لصالح مجتمعات العالم خارج دائرة المجتمع الفلسطيني.

ان وجود الفرد الفلسطيني في مجتمعات العالم يعني محاولة العمل علي نزعة من جذوره وانتماؤه وكذلك دمجة في آلة المجتمع الجديد باشتراطاته ومتطلباته الأمر الذي يقربه من الاهتمامات الذاتية بدلا من الاهتمامات الجمعية ذات العلاقة بالهم الوطني المشترك.

اعتقد ان هناك سببين رئيسيين للهجرة يكمن الأول بشظف العيش وارتفاع معدلات الفقر والبطالة وعدم ايجاد فرص عمل خاصة للخريجين الجدد الذي يبلغ عددهم بقطاع غزة حوالي خمسة عشر  ألف خريجا لا يجد فرصة عمل منهم اكثر من الف .

ويكمن السبب الثاني بتقليص مساحة الحريات الناتجة عن الانقسام وغياب الانتخابات الدورية.

من غير المجدي تجاهل ظاهرة الهجرة والتبسيط منها والحديث انها ظاهرة إنسانية وعالمية.

ومن غير المفيد العمل علي تبهيتها بالإشارة الي ان المجتمع الفلسطيني في قطاع غزة كثيف السكان ويتزايد بنسبة تفوق عدد المهاجرين.

اننا نملك خصوصية فريدة بالحالة الفلسطينية حيث أن الإنسان والأرض هما مرتكزات الصراع .

اننا مازلنا نمر في مرحلة تحرر وطني ديمقراطي تتطلب الحفاظ علي الأرض والإنسان.

اعتقد ان ظاهرة الهجرة تشكل مؤشرا سلبيا علي الحالة الوطنية الفلسطينية بما يتطلب العمل علي عقد لقاءً واسعا يعمل علي تسليط الضوء علي مخارطها وصياغة الخطط والبرامج لمعالجتها.