كلمة اليسار الفلسطيني في ذكرى إستشهاد أبوعلي مصطفى

2011-09-03

كلمة اليسار الفلسطيني في ذكرى إستشهاد أبوعلي مصطفى

غزة - ألقى نافذ غنيم عضو المكتب السياسي لحزب الشعب الفلسطيني كلمة بإسم اليسار الفلسطيني في الذكرى العاشرة لإستشهاد أبو علي مصطفى الأمين العام للجبهة الشعبية لتحرير فلسطين، وفيما يلي نص الكلمة:

كأنما طلقات الغدر حين هوت .. تكاد لو أبصرت عينيك تعتذر
كأنما امة في شخصك اجتمعت .. وأنت وحدك في صحرائها المطر
طال انتظارك ما عودتنا سفرا .. ابا المساكين ارجع نحن ننتظرك

أيها الحشد الكريم/ كل باسمه ولقبه
السلام عليكم جميعا وبعد :-

نلتقي اليوم إحياء لذكرى عزيزة وأليمة على قلوبنا .. عزيزة بمعزة فارسها الذي امتطى مشاعرنا ووجداننا حبا واحتراما وتقدير ، وأليمة لما كان لفراق هذا القائد الشجاع من غصة في حلوقنا ولوعة في قلوبنا .. اجل هي الذكرى العاشرة لرحيل القائد والمعلم، الرفيق الشهيد أبو على مصطفى .

تعود الذكرى وشعبنا يعاني  قسوة الحصار وجرائم الاحتلال ... يعاني خطر تكريس انقسامه كشعب، وكنظام سياسي، بعد أن نجح الاحتلال بقسمته جغرافيا ، وبعد أن فشلنا حتى الآن بتطبيق ما تم توقيعه في القاهرة من اتفاق للمصالحة، ليتحول إلى واقع عملي في مختلف التفاصيل، وفق آلية مشتركة، وعلى قاعدة الشراكة السياسية الكاملة من قبل الجميع...  تعود الذكرى وقد تراكمت الانتهاكات الداخلية لتطول مختلف الميادين، ليزداد الألم، ولتتضاعف معاناة الشعب، ولتحيد إرادة الجماهير بقصد وبغير قصد، وفي المحصلة، شعب منهك ومشتت الاتجاه، وإرادة تتراجع، وفقدان للثقة، والبحث عن الخلاص الذاتي على حساب الخلاص المشترك والمصير الواحد .  

إننا إذ نحيي هذه الذكرى .. ذكرى استشهاد قائدنا ومعلمنا الرفيق أبي علي مصطفى، الأمين العام السابق للجبهة الشعبية لتحرير فلسطين، فإننا نجدد الوفاءً لمسيرته العظيمة، مؤكدين على عهد النضال والوحدة، ومتمسكين بأهداف شعبنا الوطنية .

واجب علينا في هذه اللحظات وكل اللحظات، ان نستلهم العبر الخالدة التي تميز بها قائدنا الشهيد , والتي تجسدت بشخصه كقائد صلب، وزعيم دافع بكل صدق  وثبات عن حقوق شعبنا الوطنية في مختلف المراحل والميادين .
    
أجل هو أبو على مصطفى الذي ترفع عن كل القضايا الصغيرة، فلم يتقوقع داخل فئويته كما أرادها البعض لنفسه، فكان قائدا جبهاويا مخلصا، لكنه في ذات الوقت زعيم وطني لكل أبناء شعبنا .. منحاز بكل مبدئية لمعاناة وقضايا العمال والكادحين والفقراء، ومدافعا أمينا عن قضايا المرأة وحقوقها، وعن قيم الحرية والديمقراطية والعادلة الاجتماعية والمساواة .

رفض الشهيد أبو على مصطفى أي تقسيم للشعب أو للوطن ... قاوم كل المصطلحات التي من شأنها أن تشوه نضالنا وتحرف وجهته, فتصدى لنهج الانقسام والانشقاق ، وبرغم ما تعرضت له الساحة الفلسطينية من أزمات، لم يفقد بوصلته باتجاه الوطن، ولا حرصه الشديد على وحدته، وكذلك على وحدة منظمة التحرير الفلسطينية باعتبارها الممثل الشرعي والوحيد لشعبنا .
    
اجل .. ما أحوجنا إليك أيها الرفيق  الخالد في هذه المرحلة التي يشتد سوادها، حيث بات الوطن مهدد، والشعب مقسم، والفرد مهانة كرامته لدرجة استسهال إهدار دمه, وحيث الفقر وانتهاك الحريات، وتراجع القيم النبيلة التي ميزت شعبنا على مدار عقود مضت.... أيها القائد .. لقد أصبح كل شيء جميل مشوه في بلادنا، لدرجة الانقضاض على قوت المساكين والغلابا، والإبداع في أساليب جباية الأموال على حساب الشعب وحاجاته الأساسية .
      
أيها الأخوة والرفاق .. أيتها الأخوات والرفيقات
أبو على مصطفى يناديكم اليوم .. شمروا عن سواعدكم السمراء، وزنودكم الحمراء، لتقاوموا المحتل وكل أساليبه الإجرامية، و لتقتلعوا الظلم كل الظلم من بلادنا، وقبل كل شيء ان تقتلعوا الخوف والتردد من قلوبكم، فما تعودتم التراجع او الاستكانة .. ما تعودتم الإذلال والسكوت عن إهدار الكرامة .
    
نعم أيها الراحل الماجد .... لقد جئناك اليوم معاهدين، عاقدي العزم للمضي قدما على نهجك الصادق لقضايا الوطن والشعب  .. نهج التمسك بالثوابت ورفض الإذعان للضغوط الأمريكية والإسرائيلية، نهج رفض أي مفاوضات في ظل استمرار الاستيطان وتهويد القدس, وغياب مرجعية سياسية واضحة،،،، نهج الوحدة والتسامح والتآخي بين أبناء شعبنا، نهج مقاومة الظلم بكل أشكاله وتعبيراته ... جئناك لنقول لكل الذين يتلاعبون بمصالح شعبنا العليا مهما كانوا وأينما وجدوا، بأننا سنواجه كل ما يهدد مستقبل شعبنا ومشروعه الوطني والديمقراطي،  لتبقى شعلتك وكل الشهداء خالدة، إلى أن يبزغ فجر الحرية، وفجر الكلمة الصادقة المنطلقة من فلسطين، وليس من أي مكان أخر .. جئناك اليوم ونحن نخوض معركة انتزاع عضوية فلسطين في الأمم المتحدة، كدولة كاملة العضوية والسيادة على كافة الأراضي التي احتلت عام 1967م، معركة يجب أن تتواصل، لا أن تستخدم بوجهة تكتيكية لتُفرغ من مضمونها الكفاحي والصدامي مع الاحتلال وسياسته التصفوية، ويجب أن تدعم وتعزز بفعل شعبي مقاوم، مدروس وموجه .
    
جئناك اليوم، ونحن لم ننجح للأسف حتى اللحظة ببناء جبهة اليسار، هذا المسار الذي يراهن عليه كل الوطنيون اليساريون في بلادنا، مسار يوحد كل المناضلين التقدميين من اجل الحفاظ والدفاع عن المشروع الوطني، وعن مصالح الشعب وفي مقدمته الفقراء والكادحون وكل الفئات المهمشة، مسار يخلق التوازن داخل الساحة الفلسطينية ليقطع الطريق على نهج التفرد والمحاصصة الثنائية .

إن هذا الحلم والهدف النبيل هو حلم وهدف كل رفيق مخلص، وفي، وصادق الانتماء، وكل يساري يبحث عن موقع التأثير الفاعل في الأحداث والتطورات على الساحة الفلسطينية . ومن هنا فإننا في حزب الشعب الفلسطيني نقولها على الملأ، بأننا أوفياء وصادقون كل الصدق، من اجل إنجاح مشروع بناء جبهة اليسار الفلسطيني، وندعو الرفاق في الجبهتين الشعبية والديمقراطية وكل اليساريين الفلسطينيين، للتقدم على هذا المسار بما يترجم كل ما تفقنا عليه من صياغات تتعلق ببرنامج هذه الجبهة ونظامها الداخلي لما هو عملي فورا، ودون أي إبطاء، وإننا في كافة الساحات في قطاع غزة والضفة الغربية والخارج نمتلك هذا الموقف، وجاهزون لكل الخطوات العملية بهذا الشأن، مؤكدين بان تطوير هذا المسار وتصويبه يجب أن يكون في سياق الممارسة العملية .
  
أتمنى يا رفيقي أبو على أن تعود ذكرى استشهادك القادمة، وقد قطعنا شوطا على طريق تحرير شعبنا من رجس الاحتلال البغيض، وان نكون قد أنجزنا وحده وطنية حقيقية تعالج كافة التفاصيل وبخاصة إنصاف المظلومين ورد حقوقهم، وان نكون قد تجاوزنا الكثير من الانتهاكات والتجاوزات التي أرهقت الشعب وأدمته، وكذلك أن يكون مشروع جبهة اليسار قد وجد طريقه للنور .

فسلاما لك أيها الرفيق الرمز .. وسلاما لكافة رفاقك الأشاوس في جبهتكم الرائدة، قيادة وكوادر وقاعدة الذين يواصلون دربك بكل ثبات وإخلاص ،،، المجد لك ولكل اللذين يزرعون على طريق الحرية والوحدة والمحبة والنصر علامة .

3/9/2011