من عطاره .. للمناره - بقلم: عصام بكر

2010-04-14

عصـــام بكـــر

من عطاره .. للمناره

لا احد يكره العمران والتعمير تشيد المباني والتطور العمراني الذي تشهده العديد من المدن الفلسطينية وبشكل خاص مدينتي رام الله والبيرة والذي ينبع من اهمية استيعاب الاعداد الكبيرة من المواطنيين الذين يتوجهوا اليها من كل حدب وصوب مع طالع كل صباح بصفتها العاصمة الادارية المؤقتة للسلطة مع وجود معظم الوزارات والمؤسسات ورئاسة السلطة والحكومة والممثليات والقوى السياسية والمجتمعية ، ناهيك عن العدد الكبير من المواطنيين الذين استقرت بهم الرحال فيها منذ نشوء السلطة الوطنية ، واصبحوا يقيمون فيها بصورة شبه دائمة .

هذه الحركة العمرانية وان جاءت استجابة لكل تلك المتطلبات وغيرها تحتاج الى الوقوف امامها وقفة تقيمية وبنظرة نقدية ، والاخذ بعين الاعتبار بعض الملاحظات حولها ومنها ملاحظات حول الخارطة الهيكلية وتوزيع المباني جغرافيا ، والتقيد بالتراخيص اللازمة من حيث حجم المباني " عدد الطبقات " واستيفاء الشروط اللازمة ، وتاثير البناء على البيئة والسلامة العامة ومنع الاكتظاظ السكاني ، فرام الله التي كانت مصيف فلسطين والتي كانت تمتاز بخضرتها ونقاء الهواء فيها واشجارها التي تضفي سحرا ورونقا خاصا لها ، اصبحت تفتقر الى كل ذلك والانسان يفعل فعله فيها يقتلع الاشجار  ويمحو خضرة المكان دون اكتراث للبيئة او الهواء .

على ايه حال وضمن الحركة العمرانية ايضا ما تقوم به السلطة لتعبيد شارع رام الله / بيرزيت الذي يمتد من دوار المناره وسط رام الله وحتى حاجز الاحتلال العسكري قرب بلدة عطاره شمالا  البنية التحيتة كما هو معلوم تحتاج الى التطوير والتصليحات عليها ، وأحداها الشوارع الرئيسية وشارع الارسال الذي تمر عليه معظم مركبات الضفة الغربية احدى اهمها ، واذكر ان الريئس الشهيد ياسر عرفات كان يتباهى في احاديثه وخلال اللقاءات مع المسؤولين بهذا الشارع ويقول ان شارع الارسال  هو من اجمل الشوارع في الشرق الاوسط ، وبما انه يكتسب هذا الاهتمام فلا بد من ان يكون الاهتمام به فريدا ايضا .

ملاحظات كثيرة تسمع يوميا حول سير العمل الذي بدء قبل عدة اشهر في هذا الشارع حول المدة الزمنية التي قد يستغرقها اتمام العمل فيه ؟؟؟ وحول الطواقم العاملة وضرورة العمل على اكثر من فترة مناوبة للطواقم لأنجاز العمل بالسرعة الممكنة ، وكذلك حول تحويل الخطوط  للمواصلات والمركبات العاملة داخل مدينتي رام الله والبيره او على الخطوط الاخرى للمحافظات

والقرى ، والاختناقات المرورية والازعاج والتذمر الذي يخلفه هذا الاجراء الخارج عن ارادة جهة التنفيذ والذي يعمل به لمقتضيات العمل ليس الا !!!!!!!

ونعرف جميعا ان الشارع كغيره من الشوراع تعرض للتدمير والتخريب خلال الاجتياح الاسرائيلي في العام 2002 والذي خلف دمارا هائلا في البنى التحتية الاخرى كبدت الشعب الفلسطيني مئات ملايين الدورلات في حينه ،واستمر على حاله هذه لفتره طويلة ، عشرات الحفر في الشارع ، الارصفة المتهالكة غير الصالحة لمسافات طويلة ، المطبات العشوائية التي توضع لسبب وبدون سبب وغيرها من المشكلات الاخرى .

هذا الشارع وعمليات اصلاح البنى التحتية في رام الله لا تنفصل ايضا بتقديري المتواضع عن خطة الحكومة التي اقرت اقامة الدولة خلال عامين وهو ما ترك اصداء ايجابية مرحبة وبحرارة لدى قطاعات واوساط عديدة ، والدولة العتيدة تحتاج الى بنية تحتية مؤهلة وصالحة وعصرية لكن ليس هذا الاهم ، ما هو اكثر اهمية هنا هو مقومات البنية السياسية بمعنى الاساس السياسي لقيام هذه الدولة وبأكثر دقة ترسيم حدود الدولة وحل قضايا المستوطنات والجدار والقدس واللاجئين والمياه عن اية دولة نتحدث ؟؟؟ وهل التسوية القادمة تتضمن رحيل المستوطنين عن ارضنا وانهاء الاحتلال ؟؟؟ ام ان المجال مفتوح لتبادل الاراضي ؟؟؟ وايجاد حل متفق عليه لقضية اللاجئين ؟؟

البنية التحتية واقامة مؤسسات الدولة لا يجب ان يتوقف العمل به بانتظار الاعلان عن اقامة الدولة ، وهي احدى وسائل مجابهة التحديات وخطط الاحتلال ومشاريعه ولكن يجب ان تكون في اطار خطة استراتيجية وطنية شاملة على المستوى السياسي والمجالس المحلية وتحديد احتياجات هذه المجالس وكذلك من قبل المؤسسات والجهات المختصة ، لأننا لا نريد ان نعمر ونبني ونشيد ثم لا يكون هناك ضمانات بأعادة تدمير ما بنيناه على غرار ما حدث في العام 2002 ، لان الاحتلال لا يريد لنا عمارا ولا ازدهارا ولا تقدما بل هو المعيق الوحيد لكل التطلعات والاحلام.

والذي يعطل وصولنا لأهدافنا الوطنية ، الاهم هو السعي لأنهاء الاحتلال بكل اشكاله وان يتركنا نعمر ونبني كما نشاء لأجيالنا القادمة .
من عطارة للمنارة نبني ونشيد شارعا من شوارع الدولة القادمة ولعله البداية ولكن يجب الا ننسى ان نقطة البدء في عطارة هناك جندي احتلالي يراقب ما نعمل ولا يبدي ارتياحا لما يجري ربما ينتظر الوقت ليدمر ، اما نحن فما زلنا نبني فوق الخراب متمسكين بارادة الحياة البقاء والبناء.

ربما الكثيرين الذين ضاق بهم الصبر وهم يمرون من شارع الى اخر  ومن تحويلة الى اخرى وفي كل يوم اجراء جديد لممر جديد لكن هذا الشارع وغيره يعبد بداية الطريق لفجر حريتنا القادم لا محالة ، مع ملاحظة تخفيف السرعة وكبح جماح الرغبة في التهور احيانا لان زيادة السرعة تؤدي الى التهور وهو ما قد يكلفنا غاليا وقد تقع العديد من الحوادث التي نحن في غنى عنها .

14/4/2010