غزة ... والخنازير - بقلم: طلعت الصفدي

2009-12-08

طلعــت الصفــدي
عضو المكتب السياسي
حزب الشعب الفلسطيني

غزة ... والخنازير

جنون البقر ..أنفلونزا الطيور... أنفلونزا الخنازير... وماذا بعد ؟؟ هل سيأتي دور أنفلونزا القرود الشبيه بالإنسان حسب "أصل الأنواع للعالم دارون"  ليهاجم المواطنين الفقراء، والمسحوقين ، والعاطلين عن العمل، والمهمشين  الذين ليس  لهم ظهر ، يقدم لهم الدواء والعلاج ، بأسرع ما يمكن قبل أن يقرأ البعض المتنفذ  الفاتحة على أرواحهم ، أم يواجهونه بصدرورهم العارية بسبب افتقارهم للمناعة الوطنية والطبيعية التى فقدوها  فى الصراعات الداخلية ، والانقسام ، وتركهم لمصيرهم المجهول دون محاولة لحمايتهم ، والخجل فى الإعلان المبكر عن الإصابات لنجدتهم عبر وزارة الصحة  ، ومنظمة الصحة العالمية، والضغط من أجل  تقديم الطعومات والعلاج اللازم باسرع وسيلة لانقاذهم من كابوس العدوان الاسرائيلى المتواصل ، ومن الحصار والاغلاق  ، فأرض  غزة تأن من وطأة أقدامهم ، كونها أكثر منطقة سكانية في العالم ، وهى حبلى بكل أصناف الأوبئة والفيروسات المحلية والإقليمية والدولية، وربما لم يكتشف بعضها حتى الان .

هل يمكن، أن يتحول الإنسان ،  لإجراء الاختبارات والتجارب عليه من قبل الحيوانات والطيور ، وتتسابق فيما بينها  لمعرفة  مدى قدرتها على الفتك بالإنسان الذي اعتدى على الطبيعة ، وأضر بالبيئة ،وساهم في تعكير المناخ والاحتباس الحراري ، ونزع  جلود الحيوانات ، وفروة رؤوسها ، وأنيابها المعدنية ، وسفك دمائها برا وبحرا وجوا ...؟؟؟  والى أى مدى قد تنجح فى ردع الانسان ، وتخويفه ، ولو حتى بإعدام عدد محدود أقل من القتلى الذين يسقطون جراء النزاعات المحلية والدولية والحروب في العالم التي سببها الاستعمار القديم والحديث ، وروج لها النظام الرأسمالي العالمي وعلى رأسه الولايات المتحدة الأمريكية .

إن إرهاب ، فيروسات الحيوانات فى الضفة الغربية وقطاع غزة ،  ليس اكثر من إرهاب المستوطنين الذين يجتاحون الحقول ، والبلدات والقرى كالخنازير في الضفة الغربية ، فيقتلعون من الجذور أشجار الزيتون والصبار والتين، ويحرقونها أمام أصحابها دون أن تتحرك شعره من ضمير العالم المتحضر والديمقراطي ، وليس أكثر دموية من حكومة اليمين المتطرف ، والعنصري الذين يمارس الابادة الجماعية ضد الفلسطينيين ، وما يرافقها من حملة التحريض والكذب وخداع  الرأي العام العالمي عن تجميد الاستيطان لمدة 10 شهور ولمرة واحدة بكل صفاقة ومكر ، ودون الانصياع لقرارات الشرعية الدولية ، ودون الحد الأدنى من ضغط المجتمع الدولي لإجبارها على احترام القانون الدولي.

هذه الانفلونزات ليست أكثر خطورة على قضية الشعب الفلسطيني التحررية ،وعلى وجوده  من جنون الانقسام السياسي على الساحة الفلسطينية ، الذي اضر به ، وأساء لنضاله الكفاحي ، وليست أكثر خطورة من التلويح بخلق بدائل مصطنعة ، وتجمعات هامشية تسعى لتقويض منظمة التحرير الفلسطينية الممثل الشلرعي والوحيد للشعب الفلسطيني التى تشكل الهوية والكيانية الفلسطينية وقائدة نضاله ، وليست أكثر خطورة من فقدان استراتيجية سياسية وكفاحية موحدة  لمواجهة الاحتلال الاسرائيلى ، وكسب الدعم العربى والاسلامى والدولى.

سنرحب بكل فيروسات العالم الخبيثة والحميدة ، لكننا نرفض استمرار الانقسام السياسي ، وتجزئة الوطن ، والتلاعب بالشعب ، وتحويله لرهينة وسلعة تستخدم كأداة لتحقيق مكاسب فئوية أو مذهبية ، أو إقليمية..

8/12/2009