توثيق الحركة الثورية الكفاحية ( الشيوعية ) في البلدان العربية وفي بلادنا أصبح واجبا وطنيا - بقلم: مفيد صيداوي

2009-12-05

توثيق الحركة الثورية الكفاحية ( الشيوعية )
في البلدان العربية وفي بلادنا أصبح واجبا وطنيا

الكاتب: مفيد صيداوي / (عرعرة - فلسطين 48 )

كريم مروة يكتب عن " الشيوعيون الاربعة الكبار في تاريخ لبنان الحديث من خلال النضال"
( وإذا أنا دافعت عن البلاد السوفييتية وأظهرت للعالم العربي شيئا من الأكاذيب والدعايات الباطلة التي يذيعونها ضدها فلا أكون مأجورا على عملي – كما يتهم الأخصام كل من يدافع عن الإتحاد السوفييتي – بل أكون قد قمت بقسط من الواجبات المفروضة على كل عامل ، وكل فلاح ، وكل ثائر مفكر . وما أنا سوى أحد أفراد الطبقة العاملة المستثمرة .لاقيت في حياتي الشيء الكثير من الظلم والإضطهاد . وما أزال ألاقي منهما ما لا يطاق "
فؤاد الشمالي من كتابه "الإشتراكية" الذي كتبه بعد فصله من الحزب، عن كتاب كريم مروة ص38

- 1- إجترحت الأحزاب الشيوعية في الوطن العربي وفي فلسطين بطولات خالدة من خلال تمسكها ببرنامجها الثوري المعادي للاستعمار والصهيونية والرجعية العربية ، ومن خلال فعلها الثوري لاستقلال الدول العربية التي نشطت بها هذه الأحزاب بشكل خاص .
لم يكن نضال الشيوعيين وخاصة في البدايات مفروشا بالورود بل مزروعا بالتضحيات وبالنضال المستمر من أجل الشعب والطبقة العاملة ، وقد ظهرت قيادات لهذه الأحزاب على المستوى الوطني يشار إليها بالبنان في كل بلد وبلد ففي العراق تبقى ذكرى الرفيق فهد ورفاقه شعلة كفاح ومنارة طريق وفي فلسطين الرفيق فؤاد نصار ، والرفيق بشير البرغوثي وغيرهم وهنا في بلادنا ماير فلنر وتوفيق طوبي وتوفيق زياد وإميل حبيبي وإميل توما وغيرهم وفي لبنان إختار الكاتب والمفكر اللبناني كريم مروة أربعة من القادة الشيوعيين ليكتب عنهم وهم : فؤاد الشمالي ، فرج الله الحلو ، نقولا شاوي ، جورج حاوي . وسأبدأ باسعراض ما كتبه مروة عن المؤسس للحزب الشيوعي اللبناني فؤاد الشمالي وملابسات فصله من الحزب والعودة للإعتراف بدوره عام 1968م

-2-– فؤاد الشمالي باعتباره المؤسس الأول للحزب الشيوعي اللبنانيفي مدخل الكتاب ص7 يقول الكاتب :"وفي الواقع فحين شرعت في الكتابة عن القائد الشيوعي فرج الله الحلو ، أولا ، ثم عن القائدين الشيوعيين نقولا شاوي وجورج حاوي ، وجدت نفسي مشدودا للكتابة عن قائد آخر للحزب هو فؤاد الشمالي ، المؤسس الأول للحزب ، الذي مات مظلوما من رفاقه ، مقهورا ، ومنسيا ، لولا أن أعاد التذكير به محمد دكروب في سفره المهم عن تأسيس الحزب ، " جذور السنديانة الحمراء " . إلا أن  الأساسي  في قصة هذا العامل اللبناني إنما يعود لكونها تقترن بتأسيس الحركة الشيوعية في كل من مصر ولبنان في مطلع عشرينيات القرن الماضي ."ص11 .
وفي سيرته يعود الكاتب ويشير إلى أهمية كتاب محمد دكروب الذي أشرنا إليه في تاريخ هذا الرجل ولكنه يتوقف عند مساهمة الشمالي في تأسيس حركة نقابية عمالية ناضجة في مصر ، ثم مساهمته في تأسيس الحزب الشيوعي المصري عام 1923م . ومن بعد إخراجه من مصر ساهم مع يوسف يزبك ومجموعة من العمال في تأسيس الحزب الشيوعي اللبناني في عام 1924 م ( للتذكير الحزب الشيوعي الفلسطيني تأسس _ حزبنا – عام 1919م وهو بذلك أقدم الأحزاب في العالم العربي وكان له تأثير على بقية الأحزاب في الدول العربية ، والكاتب يتطرق لهذا الموضوع في أكثر من موضع ولكن هذا ليس شأننا الآن م.ص ) ، وهو يعتبر أن أهمية فؤاد الشمالي "تكمن في الظروف التاريخية التي تكونت فيها شخصية هذا العامل الطليعي "ص12 .

ويسرد الكاتب أحداثا عالمية هامة مثل ثورة أكتوبر الحرب العالمية الأولى الأفكار المبشرة بالحركة الإشتراكية أفكار عصر النهضة وممثليها مثل: شبلي شميل وسلامة موسى وفرح أنطون ورفيق جبور والمحامي المدافع عن العمال أنطون مارون والمؤتمر العربي الأول الذي عقد في باريس عام 1913م والذي رفع شعار الدولة العربية المستقلة والتحرر من السلطنة العثمانية .

ويذكر المؤلف أن فؤاد الشمالي" ولد في عام 1894م في بلدة "السهيلة " في منطقة كسروان في جبل لبنان . وتلقى دروسه الإبتدائية في مدينة" بيسان " في فلسطين حيث كان والده يعمل مترجما في شركة السكة الحديدية هناك . إنتقلت العائلة بعد وفاة الوالد إلى مدينة القاهرة في مصر . فتابع فؤاد دراسته في مدارسها . لكنه انتقل من الدراسة إلى ممارسة العمل وهو في السادسة عشرة من عمره . وكما يقول هو في كتاب "نقابات العمال " فإنه بدأ حياته عاملا منذ نعومة أظفاره " ص16 .

ويذهب الكاتب إلى عدة مصادر ليؤرخ ويناقش هذه الفترة منها كتاب د. ماهر الشريف ، " فلسطين في الأرشيف السري للكومنترن " الصادر عن دار المدى للثقافة والنشر ، تشرين الأول 2004 ( وهو كتاب هام قد أعود إليه في القادم من الأيام م.ص ) . وكذلك إلى كتاب سلام الراسي في كتابه " من كل واد عصا " الذي يتحدث فيه عن طرد الشمالي من الحزب وكظمه الغيظ . ويناقش كريم مروة  غرابة القصة والتهم التي وجهت للشمالي وينتقد التهم التي وجهت أحيانا جزافا لقيادات من الأحزاب الشيوعية في العالم العربي والعالم وينتقد الفترة الستالينية التي أعدمت مثل هذه القيادات في الإتحاد السوفييتي سابقا لمجرد الخلاف في الرأي مع أصحابها .ص36-ص37 .

ويشير المؤلف إلى أصالة هذا القائد الشيوعي الفذ والشهم فرغم إقصائه عن الحزب وقيادته إلا أنه بقي متمسكا بمواقفه حتى آخر لحظة في حياته" فقد أصدر في العام 1933م أي في العام التالي لأقصائه من الحزب ،كتابه في بلاد البولشفيك . وأصدر في عام 1936 كتابه " أساس الحركات الشيوعية في البلاد السورية – اللبنانية " كما أصدر عام 1939م ، قبيل مغادرته الحياة فقيرا معدما ، ومنبوذا ومشهرا به من قبل رفاقه ، كتابه" الإشتراكية ". الذي يدحض فيه أكاذيب الخصوم ، ويرد فيه على الماسوني يوسف الحاج في كتابه " الشيوعية  أو روسيا الحمراء ".ص38 .

ولكن الكاتب يشير بأسف الى ان اسم فؤاد الشمالي ظل مغيبا لفترة طويلة من الزمن ، إلى أن جاء المؤتمر الثاني للحزب الشيوعي اللبناني في عام 1968م ليعيد الاعتبار إلى ذلك القائد التاريخي وليحرره من التهم التي وجهت إليه ،" وليذكر الشيوعيين خصوصا ، واللبنانيين عموما ، بالوجه المشرق لواحد من أبطال حقبة مضيئة في تاريخ لبنان ، حافلة بالنضالات ، مليئة بالصعوبات . لكنها حقبة أسست لحقبة لاحقة عليها ، الحقبة التي انتقل فيها لبنان ، بدور أساسي للشيوعيين ، من السيطرة الإستعمارية إلى الحرية والإستقلال "ص41 .

هذا هو فؤاد الشمالي أحد أبطال الحقبة التاريخية الأولى في تاريخ أحزابنا الشيوعية ، ومن المهم هنا أن نرى دور الفرد الهام في حياة الأحزاب والجماهير ، ولكن من المهم أن نرى جسامة الأخطاء التي قد ترتكب دون دراسة وتمحيص بحق أفراد وقيادات في حياة أحزابنا والتي قد تكون موروثة من العهد الستاليني كما يشير الكاتب ، ومن جهة ثانية من الضروري الإنتباه إلى رؤية أن القرارات لا تؤثر في القناعات الصلبة الواثقة من طريقها فرغم طرد الشمالي من الحزب إلا أن كل  كتاباته المشار إليها كانت تتابع نضاله وفكره في تأييد الإشتراكية والطبقة العاملة .

يتبع : في المقال القادم سأستعرض حياة القائد فرج الله الحلو من خلال الكتاب نفسه .

المصدر: الموقع الالكتروني للجبهة الديمقراطية للسلام والمساواة

5/12/2009