موقف حركة الجهاد الإسلامي يستحق التقدير - بقلم: نـــافـــذ غنيـــم

2009-10-31

نـــافـــذ غنيـــم
عضو المكتب السياسي
حزب الشعب الفلسطيني

موقف حركة الجهاد الإسلامي يستحق التقدير

تحدث السيد رمضان شلح أمين عام حركة الجهاد الإسلامي في فلسطين خلال كلمته أمام المشاركين في حفل إحياء ذكرى استشهاد القائد فتحي الشقاقي بغزة مخاطبا حركة حماس " إن كنتم تظنون أن إدارة غزة في ظل الانقسام نموذج للمشروع الإسلامي فهذا وهم".  لقد كان ذلك حديثا صريحا يكثف موقف هذه الحركة الإسلامية تجاه مواقف ومسلكيات حركة حماس في قطاع غزة، وهي التي تعتبر حليفا لحركة حماس، ويعكس ذلك ضيق درع حركة الجهاد الإسلامي بممارسات حركة حماس التي تثقل على المواطنين في قطاع غزة . شلح  يسعى للتبرئة نفسه وحركته من مسئولية ذلك، وأيضا تبرأت المشروع الإسلامي من هذه السياسات التي يعتبرها ضمنيا غريبة وشاذة عن قيم الإسلام التي يجب أن تتسم بالوحدة والتسامح والتآخي والتعاضد ورفض قتل المسلم وامتهان كرامته، ووضع الإنسان كقيمة في سلم الأولويات، ولا شك بان حديث شلح  يعكس استنكارا ضمنيا لما وصل إليه المجتمع من حال يرثى له، وهذا ما يلمس ليس فقط في حديث الأمين العام لحركة الجهاد الإسلامي، وإنما في ما يدور من أحاديث بين كوادر وقواعد حركته في قطاع غزة، بل إن ما يتناقل من أحاديث يعكس حجم الهوة السحيقة ما بين قواعد هذه الحركة وبين مواقف ومسلكيات حركة حماس، ليس تجاه العامة من الناس في قطاع غزة فحسب، وإنما تجاه أعضاء حركة الجهاد وما يعانونه بسبب ممارسات حركة حماس سواء كان ذلك لسعي حركة حماس للسيطرة على المساجد التي يسيطر عليها أعضاء حركة الجهاد الإسلامي، أو لما يواجهه مقاتليها من مشاكل بسبب محاولة إطلاقهم للصواريخ باتجاه إسرائيل، أو للتطورات التي قد تنشا لأبسط الأسباب والتي ما تلبث أن تنفجر بسبب حالة الاحتقان القائمة بين قواعد الطرفين .

لقد فعلت وستفعل الأحداث وتطوراتها اللاحقة المزيد من التفاعلات بين حركتي حماس والجهاد الإسلامي، خاصة إن استمرت الأوضاع على ما هي عليه في قطاع غزة من حصار وانقسام وتجاوزات يصطلي بنارها المواطنين، إن الفجوة بين الحركتين ستواصل الاتساع، ولن يستطيع شعار المشروع الإسلامي توحيدهما في إطار تحالفي مشترك، ولن تستطيع ضغوط بعض الجهات الإقليمية النجاح لفرض حالة التوحد بينهما لأسباب تستجيب لمصالحها، وربما أن هذا التحالف الذي بات شكلي سيصطدم في مرحلة ما بجدار الحقيقة .

المتابع للأوضاع في قطاع غزة يلاحظ ازدياد جماهيرية حركة الجهاد الإسلامي على حساب جمهور حركة حماس، خاصة من تلك الأوساط  التي تري في أن الإسلام هو الحل وتؤيد المقاومة، وهذا ما يقلق بالطبع حركة حماس التي كان يسهل عليها قبل سنوات التحريض ضد عناصر حركة الجهاد الإسلامي واتهامهم بحلفاء الشيعة وإيران، لكن الآن وقد تساوت الخيول في الميدان لم يعد هذه المنطق يقنع الجمهور، بل ان حركة حماس قد تراجعت عنه بعد ما فعلته الأيام بمواقفها وبتحالفها الوثيق مع إيران .

لقد عكست مواقف حركة الجهاد حرصا على وحدة الشعب والوطن وتقديرا للجهود المصرية من اجل المصالحة الوطنية، لكن الملاحظ أن بعض المواقف خاصة من قبل قيادتها في الخارج عكست تأثرا واضحا بمواقف بعض الدول العربية والإقليمية، مما اظهر حركة الجهاد خارج سياق مواقفها المألوفة، لذا فان حديث السيد شلح الأخير عبر عن حالة من المصارحة، وعن تحرر نسبي من القيود، وربما استجابة لضغوط قواعد حركته التي أصابها حالة من السخط  بسبب ما آلت إليه الأوضاع في قطاع غزة .

ما أتمناه لهذه الحركة ولقيادتها التي أكن لها الاحترام، أن تواصل مواقفها المبدئية والجريئة الحريصة على وحدة الشعب والوطن، ومواصلة النضال من اجل إنهاء حالة الانقسام الكارثية التي يعانيها شعبنا، وان تحافظ على حيادية بين الأطراف المتخاصمة فلسطينيا بعيدا عن التأثر بمواقف خارجية بالقدر الذي تستطيعه، وان تواصل التمييز في موقفها بين رفضها المبدئي بالمشاركة في مؤسسات السلطة، وبين موقفها من الوحدة والاتفاق بين قوى شعبنا الفلسطيني وفي مقدمتها حركتي فتح وحماس باعتبار ذلك مصلحة وطنية عليا وخيار استراتيجي .

31/10/2009