ليس فقط غولدستون - بقلم: شــوقــي العيســه

2009-10-11

ليس فقط غولدستون

الكاتب: شــوقــي العيســه

من نتائج تقرير العدوان
تسميم اطفال غزة
التوقف الفوري عن شرب الماء في غزة ، لا ماء صالح للشرب في غزة
غزة ملوثة
هل يجب ترحيل كل سكان غزة ؟!

قبل الحديث عن تقرير غولدستون مرة اخرى، التقرير الكنز الذي كان كل حقوقي وكل سياسي فلسطيني يتمنى ايجاده ، هناك تقرير اخر فهمت منه ان سكان غزة يجب ان يتوقفوا فورا عن شرب الماء والا تسمموا .

بعد العدوان الاسرائيلي الاخير على غزة قامت الامم المتحدة ، اضافة الى تكليف غولدستون، بتكليف برنامج البيئة التابع للامم المتحدة ، باعداد تقرير عن الوضع البيئي في القطاع بعد العدوان ، وفعلا تم انجاز التقرير وتسليمه للامين العام للامم المتحدة بتاريخ 14-9-2009 ، ويتكون من 102 صفحة ، بعد ان اطلعت على ما جاء في التقرير من معلومات يندى لها الجبين وتقشعر لها الابدان ، بحثت عن أي شيء قام به الامين العام بخصوص هذا التقرير منذ استلامه فلم اجد شيئا ، فبحثت عن أي تصريح صحفي على الاقل لاي مسؤول فلسطيني في غزة او رام الله او الهونولولو فلم اجد ، مع ان التقرير يقول يجب فورا البحث عن مصدر اخر لمياه الشرب وخاصة للاطفال الذين يقل عمرهم عن سنة ، لان مياه غزة ملوثة بنسبة من النيترات تفوق بكثير جدا النسبة المسموح بها ، وستسمم الاطفال خاصة وتصيب بمرض اسمه ال ميتهوجلوبينميا وتؤدي لانتشاره ، وقد ثبت وجود هذا المرض في غزة ، وبالعودة الى الموسوعة ويكيبيديا فان هذا المرض يصيب الاطفال اذا شربوا ماء فيه نسبة من النيترات اعلى من المسموح بها (المسموح 50 ملغم في اللتر) ، . خاصة ان النيترات ليس لها رائحة او لون او طعم . كما يفيد التقرير ان تلوث مياه غزة هو تلوث من البكتيريا وكذلك من مواد كيماوية .

التقرير يقول يجب التوقف فورا عن استخدام المياه الجوفية في القطاع والبحث عن بديل ، ويقترح تحلية مياه البحر واستخدامها ويجب رصد اكثر من مليار ونصف دولار للبدأ بالعمل. واذا لم تتخذ اجراءات فورية بخصوص الحوض المائي الجوفي في غزة فانه سيحتاج الى مئات السنين ليعود الى وضعه الطبيعي . ويقول تقرير هذه اللجنة ، ان اسرائيل خلال عدوانها على غزة دمرت 2692 بناية و 186 بيوت زراعية خضراء و 167 كيلو متر من الطرق واحدثت 711 حفرة في الاراضي الزراعية و 220 حفرة على الطرق ، كما استهدفت البنية التحتية (المحروقات والكهرباء) وشبكة المواصلات والاتصالات واصابتها بضرر فادح وكذلك ابار المياه وانابيب مياه الشرب ونظام الصرف الصحي .

ويضيف ان ما جرى في الحرب يفاقم بشكل كبير المعضلات البيئية الموجودة اصلا ، ومن ناحية اخرى كون 36% من القطاع يستخدمون حفر الصرف الصحي البيتية والتي تلوث المياه الجوفية ، فيجب اضافة الى التوقف الفوري عن استخدام المياه الجوفية ربط 100% من قطاع غزة بشبكة صرف صحي حديثة ومطابقة للمواصفات .

كما ان اطنان ( ستمائة طن) بقايا البيوت وغير البيوت المدمرة والتي تحتوي على الاسبست ومخلفات انواع الاسلحة التي استخدمت تزيد من تلوث المياه والتربة . وان التربة والمياه الان مصابة بالملوحة الزائدة عن الحد مما يؤثر على الزراعة .

التقرير يورد انه بعد جمع العينات اعطيت مجموعة منها لاسرائيل ومجموعة للسلطة والمجموعة الثالثة ارسلت الى سويسرا والسويد لتحليلها ، ويعطي مثالا ان العينات من مبنى الصليب الاحمر الذي تعرض للقصف والحرق تشير الى وجود تلوث خطير في المكان ، وبما ان التقرير يقول ان 3770 موقع تعرض للضرر اثناء الحرب فيمكن الاستنتاج انك اينما ذهبت في قطاع غزة فانه ملوث وانت معرض لذلك التلوث في الماء في الهواء في التربة ....... .

اما بخصوص الزراعة فيوضح التقرير ان مجموع الاراضي الزراعية في القطاع 170 الف دونم دمرت اسرائيل 17% منها تدميرا كاملا ، ونتائج ذلك وخيمة والضرر سيبقى على مدى سنوات لان ما حصل للتربة بحاجة الى الكثير لاعادة تأهيلها وبسبب الحصار لا يوجد في غزة الات بامكانها القيام بذلك ، اضافة الى نقطة هامة جدا وهو ان الاشجار القديمة التي تم تدميرها كانت استطاعت التأقلم مع الملوحة والتلوث في المياه والتربة بالتدريج اما الان فان زراعة أي اشجار جديدة لن يكون بامكانها تحمل التلوث والملوحة ولن تنجح .

المخلفات الطبية الخطرة ، بما انه استشهد حوالي 1380 فلسطيني وجرح حوالي 5 الاف ، خلال العدوان ، ويوجد في غزة 2100 سرير في المستشفيات ، فقد انتج خلال الحرب 60 طن من المخلفات الطبية الخطرة التي لم يكن من الممكن ،خلال الحرب، التخلص منها بشكل صحيح ، وهذه تؤدي الى امراض معدية وتلوث في التربة والماء والهواء .

ويضاف الى المأساة كما ورد في التقرير ان عائلات غزة حفرت 2000 بئر مياه لاستخدامها في الزراعة ، وصحيح انهم حريصون على عدم اهدارها ويعاملونها كالذهب، الا انهم يستخدموها للشرب حين لا يجدوا مصدرا اخرا لذلك ، وبالفحص تبين انها غير صالحة نهائيا للشرب حيث ان مستوى النيترات فيها يصل في بعض الحالات الى 331 ملغم في اللتر في حين المسموح 50 ملغم في اللتر ، اما الكلوريد فوصل في بعض الحالات الى 1840 ملغم في اللتر بينما المسموح 250 ملغم في اللتر .

في القطاع خمس محافظات و25 بلدية تزود المواطنين بمياه الشرب ، قامت البعثة التي اعدت التقرير بفحص المياه لدى ثلاث بلديات منها ووجدتها جميعا غير صالحة للشرب ، في احدها وجدت نسبة النيترات 297 ملغم في اللتر .

انا لست متخصصا في هذا المجال والتقرير يحتوي على الكثير من الامور التكنيكية والعلمية وبحاجة لدراسة من المتخصصين وهو يبني كل توصياته على اساس انهاء الحصار فورا وادخال كل ما يلزم الى القطاع لتنفيذ التوصيات ، هل كثيرا علينا ان نطلب من قياداتنا كلها اينما كانت التوقف عن الردح على القنوات الفضائية ، والانتباه الى شعبهم الذي يموت في كل لحظة بكل اشكال الموت التي عرفها التاريخ .

وبالعودة الى تقرير غولدستون ، الذي اعتبره حقيقة يمثل كنزا لكل فلسطيني ، وبقراءته مع هذا التقرير البيئي، نجد انه يوضح بما لا يدع مجالا للشك ان اسرائيل قامت خلال العدوان بالتخطيط والتنفيذ مع سبق الاصرار والترصد والتعمد بارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الانسانية اتجاه المدنيين الفلسطينيين في قطاع غزة، هذا ما ورد في التقرير ، ويقول انه لا مجال للقبول بذريعة ان بعض الاخطاء حصلت بل ان اسرائيل لديها من الناحية العسكرية اسلحة واجهزة متطورة تنفي امكانية حصول الاخطاء في الجرائم التي اطلعنا عليها ، كما انها اعلنت انها تستهدف ما اسمته البنية التحتية لحماس ، وتلك البنية التحتية هي المدنيين والاهداف المدنية ، وانصح الجميع بقراءته فهو متوفر وبالعربية وخاصة التوصيات والملخص التنفيذي ، والتوقف عن سخافة ان التقرير يساوي الجلاد بالضحية فهذا غير صحيح ، ان التقرير اذا اقر فانه يمنع التجول على اسرائيل فاضافة الى توصيته بتحويله الى مدعي عام المحكمة الجنائية الدولية مباشرة من مجلس حقوق الانسان ، فانه كذلك يطالب كل الدول الاعضاء في معاهدات جنيف وهي 190 دولة بالبدأ بموجب المادة الاولى بمحاكمة مجرمي الحرب الاسرائيليين .

والتقرير لا يتهم بعض الجنود انما يمكن تطبيق اتهاماته على كل المؤسسة العسكرية الاسرائيلية وكذلك اصحاب القرار السياسي في اسرائيل، يبدو لي ان الجهة الوحيدة التي قرأت التقرير وفهمت تماما مدى خطورته هي اسرائيل.

ولذلك استماتت للوصول الى تأجيله على الاقل . وهنا يجب ان نتذكر ما كتبه المؤرخ والصحفي دان كورزمان في مؤلفه الشهير "البعث 1948" ونشره عام 1970 ، (750 صفحة) من اسرار الوثائق الصهيونية ، يكتب في 26-11-1947 كان اجتماع الجمعية العمومية للامم المتحدة من اجل التصويت على قرار التقسيم مستمرا، وكان الجو في الاجتماع مشحون للغاية ، وخطاب ضد التقسيم يتبعه خطاب اخر، فخرج مندوبوا الحركة الصهيونية من القاعة الى الكردور للتشاور ، قال احدهم يجب ان نؤجل التصويت والا انتهينا ، قال اخر يا ريت سيكون لدينا يومان كاملان للعمل مع الوفود والدول ، فغدا عيد الشكر .

واتفقوا وتمت وشوشة الاصدقاء من مختلف الدول في الداخل ، فبدأت خطابات اصدقاء الصهيونية تطول وتطول ، الى ان قال رئيس الجلسة صديق الحركة الصهيونية ، تأخر الوقت مع الاسف وعلينا تأجيل التصويت يومين ، مباشرة توجه الوفد الصهيوني الى مكاتب الوكالة اليهودية وبدأ عمل الطواريء واخراج النشطاء من غرف نومهم والتلفونات لا تسكت ووضعت الخطط ، الان مصير الصهيونية يعتمد على تصويت الفلبين واثيوبيا وهاييتي وليبيريا ، تم الاتصال بالمالك الصهيوني لشركة تأجير السيارات للوفود ، فقام بوضع اجهزة تنصت في سيارات الوفد البريطاني ، وتم الاتصال بالصهيوني المسؤول عن الامن في فندق ماك البين وقيل له ينزل لديكم ضيف مهم جدا فارس بيه الخوري ، فقال تقصد مندوب سوريا في مجلس الامن. في ذلك اليوم وضعت اجهزة التنصت في غرفته ، وبسرعة فهم الصهاينة لماذا صوتت مندوبة احدى الدول الصغيرة مع العرب لقد كسب ذلك العربي صوتها و .....، رغم ان النظام في تلك الدولة كان بلغهم بانه سيصوت معهم ، فتم الاتصال فورا بوزير خارجية تلك الدولة الذي قام فورا بتغييرها بمندوب ذكر ، وفي نفس الوقت كان العمل يجري على ليبيريا حيث اتصلوا برئيس شركة الاطارات والمطاط فايرستون ، الذي اتصل بمندوب شركته في ليبيريا ، وبذلك حلت مشكلة ليبيريا، اما هاييتي التي كانت طلبت من امريكا قرض بمبلغ 5 مليون دولار ، فقد استطاع احد المحققين السريين معرفة انها اعلنت انها ستصوت مع العرب لكي تضغط من اجل الحصول على القرض ، فكان لها ذلك . واما الفلبين حصلت زيارة ليلية لمنزل السفير الفلبيني من قبل قاضي في المحكمة العليا الامريكية وشخص اخر ، على اثرها قام السفير بالاتصال برئيسه في مانيلا ، وقال له اعتقد ان الفلبين تغامر بسبع قرارات على جدول اعمال الكونغرس لبلدنا مصلحة كبيرة فيها ، فقال الرئيس سافكر ، لا وقت للتفكير وصلته برقية خلال ساعات عليها توقيع 25 سيناتور من مجلس الشيوخ ، فقرر .

كل ذلك حصل في يومين !!! فما بالك بستة اشهر مجرد سؤال ؟؟!

11/10/2009