مرضى قطاع غزة : ضحايا المعاناة والإهمال- بقلم: وليــد العــوض

2009-09-02

وليـــد العـــوض
عضو المكتب السياسي
حزب الشعب الفلسطيني

مرضى قطاع غزة : ضحايا المعاناة والإهمال

بشق الأنفس وبعد جهد طويل ، يمكن للمواطن الفلسطيني المريض من أبناء قطاع غزة أن يحصل على تحويله علاج خارج القطاع المحاصر منذ ثلاث سنوات ، وإن تحقق له ذلك فقد لا يتمكن من الظفر بتصريح للخروج من هذا القطاع.

خلال اليومين الماضيين قدر لي أن ألتمس عن قرب ما يعانيه هؤلاء المرضى ، حيث تبدأ رحلة المعاناة هذه مثلما أشرت أعلاه من البحث عن تحويلة وتصريح خروج للعلاج ، لتتواصل حتى داخل المشافي التي يصلها هؤلاء .

وزارة الصحة في السلطة الوطنية تصدر تحويلات العلاج إلى عدة مستشفيات خارج القطاع منها مستشفى المطلع والمقاصد الإسلامية في القدس وهذه المشافي تستقبل كما هو معروف مرضى من محافظات الضفة الذين لا تقل معاناتهم عن نظرائهم من القطاع ، على الأقل ناحية الحصول على تصريح الخروج من بلداتهم للعلاج .

مستشفيات القدس تعاني من ازدحام شديد ونقص في الغرف والأسرة ، وكما هو معلوم فالاحتلال يمنع عليها وعلى غيرها من مؤسسات القدس بناء أي غرفة .

إن هذا الأمر يحول دون شك بين رغبة المستشفى باستقبال المرضى وقدراته على ذلك وهنا تبدأ رحلة العذاب والمعاناة للمرضى خاصة من مرضى قطاع غزة ، ما شاهدته بأم عيني خلال اليومين تمثل في وصول عدد من المرضى وحالاتهم صعبة محولين لهذه المشافي لكنهم فوجئوا بأنه لا توجد إمكانية لإدخالهم للمستشفى نظراً لعدم توفر أسرة لذلك وقد اضطر العديد منهم للانتظار ساعات طويلة حتى يتوفر ذلك ومنهم من آثر العودة للقطاع ويصرون على الانتظار فمنهم من يحالفه الحظ ويفوز بسرير بانتظار الأجل المحتوم ومنهم من تجتهد إدارة المشفى وتضعهم على أسرة الطوارئ بانتظار الفرج .

ومع ذلك فأن رحلة المعاناة والألم هذه لم تنتهي لتطال هذه المرة مرافقيهم الذين لا يوجد أماكن لمبيتهم حتى بجوار أسرة المرضى الذين يرافقونهم فيضطرون للمبيت في الكرادورات أو في إحدى زوايا ساحات الاستقبال وفي بعض الأحيان لا يجدون مكانا فيفترشون أزقة الشوارع وبعض ساحات المستشفى ، هذا في مستشفى المقاصد ، أما المرضى المحولين لمستشفى المطلع وغالبيتهم من مرضى السرطان وهم كثر في قطاع غزة فلم تجد إدارة المستشفى حلاً لمشكلة الاكتظاظ سوى استئجار طابقين في فندق جبل الزيتون مكاناً لمبيتهم .

أما العلاج فعلى كل مريض أن يتدبر أمره بالوصول إلى المستشفى لتلقي جرعات العلاج على أمل القضاء على هذا المرض الخبيث والظفر بأيام معدودات من العمر ... في فندق جبل الزيتون هذا ، يتواجد هذه الأيام 38 مريض ومرافق يلتزم الفندق بتقديم وجبة الفطور خلال الأشهر العادية أما في شهر رمضان فيلتزم بوجبة السحور فقط ، وعلى كل مريض ومرافقه تدبر أمورهم فيما يتعلق بالوجبات الأخرى ، وهنا يتدخل أهل الخير وبعض الجمعيات يقدمون تبرعاتهم كوجبات طعام ، ولك أن تتخيل كم تتأثر نفسيا تهم وتهتز مشاعرهم أمام ذلك وهم يشعرون بأسى لامتهان كراماتهم التي صانوها وحافظوا عليها ولا يريدون لها أن تمتهن آخر العمر .

إن هذا الألم والمعاناة يمكن لها أن تنتهي ببساطة إذا ما تدخلت وزارة الصحة لمتابعة أمر هؤلاء الغلابة ، وسعت باهتمام وجدية لإيجاد حلول لمعاناتهم وهذا يتطلب زيادة عدد المشافي أو تقديم تمويل إضافي للمتعاقد معها حالياً ، وحثها على استئجار شقق أو فندق لاستيعاب هؤلاء المرضى والعمل على توفير وسيلة نقل لهم من الفندق إلى المستشفى لتلقي العلاج والبحث عن حل عملي لمبيت مرافقي المرضى الذين يحتاجون للرعاية الدائمة .

إن معاناة مرضى قطاع غزة تستوجب رفع الصوت عالياً ليصل لآذان أصحاب العلاقة وخصوصاً السيد وزير الصحة على أمل التدخل لرفع المعاناة قبل أن تتحول هذه المعاناة إلى جرح غائر يصعب علاجه .

2/9/2009