لم نسحب التفويض يا ميلانو - بقلم خالد منصور

2009-05-04

خالد منصور
عضو المكتب السياسي
حزب الشعب الفلسطيني

لم نسحب التفويض يا ميلانو

 لقد نالت دعوة مؤتمر ميلانو ( المؤتمر السابع للجاليات الفلسطينية في أوروبا الذي عقد يوم 2/5/2009 في مدينة ميلانو الايطالية )، لإتباع النهج الديمقراطي في انتخاب ممثلي الشعب الفلسطيني إلى هيئاته التشريعية وفي المقدمة منها المجلس الوطني كل الاحترام والتقدير، كما واعتبرت الدعوة إلى تمثيل فلسطينيي أوروبا وكل مواقع الشتات ( حيث أمكن ) من خلال عملية انتخابية حرة وشفافة-- وليس من خلال التعيين-- دعوة محقة، تعيد للمشهد السياسي الفلسطيني احترامه الدولي.. كل ذلك من الايجابيات التي لا يمكن لأحد إسقاطها.. 

 لكن وأمام هذه الايجابيات لفت انتباهي جيدا الشعار الذي عقد تحته المؤتمر والذي يقول (العودة حق.. لا تفويض ولا تنازل )، حيث انه من جهة أثلج صدري في تأكيده على التمسك بحق العودة ورفضه للتنازل، وهذا أمر هام ومن الضروري الاستمرار بالتأكيد عليه في كل المحافل.. لكن من جهة اخرى أصبت بالقلق والارتياب من تعمد واضعي الشعار إدخال عبارة ( لا تفويض ) في منتصفه، وهي العبارة التي تخفي وراءها غمز ولمز يطال منظمة التحرير الفلسطينية، وتحمل في طياتها معان خطيرة تستوجب الوقوف عندها.. وفي مقدمتها الطعن الواضح في شرعية تمثيل منظمة التحرير الفلسطينية للشعب الفلسطيني.. وهي التي نالت ذلك التفويض منذ 45 عاما من قبل أوسع فئات الشعب، ومن قبل معظم قواه الوطنية-- كي تتحدث باسم الجميع، وتتفاوض نيابة عنهم، والتي ما زالت ولغاية اليوم تحظى بالالتفاف الجماهيري الواسع.. كما وأنها هي نفسها الهيئة التي تحدث الفرقاء الفلسطينيين المتحاورين في القاهرة-- بعد الجولة الرابعة من حوارهم الوطني-- أنهم اتفقوا عليها، وقالوا أنها لم تعد موضوعا خلافيا يعرقل التوصل إلى اتفاق ينهي حالة الانقسام.

 نعم نحن نتمسك بحق العودة ولن نتنازل عنه .. وفي نفس الوقت وبقوة نقول أيضا أننا لم نفوض أحدا بالتنازل عنه.. لكننا نرفض رفضا قاطعا التمرير الغير مفهوم لعبارة لا تفويض، التي لا نقر بها، ونرى من الخطأ إدراجها بين موقفين نقر بهما ونتمسك بهما تمسكا ثابتا وأكيدا وهما ( العودة حق.. ولا تنازل )، لان القول لا تفويض يعني تماما التشكيك بتمثيل منظمة التحرير الفلسطينية لشعبنا.

 لدينا مخاوف كثيرة مشروعة تجاه ما يدبر لحق العودة، لكن وبدلا من التوجه للطعن بمنظمة التحرير كان من الواجب على القائمين على مؤتمر ميلانو أن يطلقوا ومن خلال هذا المحفل الجماهيري الضخم رسالة وحدة، ويشكلوا ضغطا قويا على طرفي الصراع، اللذين أنهكا حركة الكفاح الوطني وتسببا بتشتتها-- كي يسارعا لإنهاء حالة الانقسام-- الذي بات اليوم يعصف بكل أركان مشروعنا الوطني ( التحرر والاستقلال والعودة ).. وكان عليهم أيضا وبدل التشكيك بمنظمة التحرير( من خلال رفع شعار لا تفويض )-- تثمين التوافق الذي تم في القاهرة عليها-- والتشديد على ضرورة إصلاحها وإعادة بناء كافة مؤسساتها  على أسس من الشراكة الحقيقية، ووفق المنهج الديمقراطي.. وكان عليهم التأكيد على شعار أن التفويض الممنوح لقيادة منظمة التحرير مرتبط بتمسكها بالثوابت الوطنية، وعلى تلك القيادة أن تعود للشعب لتطرح عليه ما توصلت إليه خلال تحركاتها السياسية، وان لا تقدم على توقيع أي اتفاق دون أن تأخذ موافقة الشعب عليه..

 إن انعقاد مؤتمر ميلانو في أعقاب شن إسرائيل هجومها السياسي الخطير بمطالبتها الفلسطينيين بالاعتراف بيهودية الدولة ( قبل بدء المفاوضات أو كنتيجة للمفاوضات ).. وفي أعقاب الهجوم البربري الذي شنته إسرائيل على قطاع غزة، والذي أدى إلى تأجيج حالة التضامن مع الحق الفلسطيني وفعّل إلى حد كبير دور الجاليات الفلسطينية والعربية والإسلامية المتواجدة في كافة أرجاء العالم.. وتزامن عقد المؤتمر مع تكثيف الجهود المبذولة لإنهاء الانقسام على الساحة الفلسطينية.. كل ذلك يجعل لانعقاد مؤتمر ميلانو أهمية خاصة، ويحوله إلى منصة تستقطب أطيافا فلسطينية متنوعة، ويزيد من تعميق التواصل بين أبناء الجاليات الفلسطينية في كل موقع، وبين الجاليات المتواجدة في كل مواقع الشتات.. كما وكان يجب أن يشكل مؤتمر ميلانو أداة لتحريك الجانب الشعبي، للضغط في سبيل وحدة الصف وتصويب الأداء.. ومن المؤكد أن هذه المهمة لمؤتمر ميلانو لن تتحقق كما يجب، ما دام المؤتمر وضع نفسه كطرف في الصراع الدائر، وانخرط بشكل واضح في الحملة التي تشكك في شرعية تمثيل منظمة التحرير للشعب الفلسطيني.

4/5/2009