وحدة أم توحد - بقلم الاسير باسم خندقجي

2009-01-15
الأسير باسم خندقجي
عضو اللجنة المركزية
حزب الشعب الفلسطيني
وحدة أم توحد

اليقين التام الذي كنت أخشى من ألوصول إليه .. ها هو يتجلى في داخلي .. شعاع من نور و نار يخترق صدري لينثر الحقيقة التامة .. حقيقة النفسي البشرية .
و ها أنا الان أتعرف بعمق على اللهاث البشري البشع و الكريه .. أتوغل فيه لأكتشف مدى و حشية الإنسان و مكره و خبثه .. و ألمح وميض السيف الذي يقطع أعناق الورد الوطني .. فأصاب بعمىً مؤقت.. يلقيني في ظلام الأشياء البشرية والتباساتها..
اليقين بأن كل نفس بشرية قادرة على تدنيس أسمى  الأشياء و أنقاها .. و تدمير الكون على رؤوس من فيه في لحظة واحدة ...
أي نفسىً تلك التي تزرع الحقد و تسمد الأرض بدماء أشياء السماء كي تحصد الشر و الخطايا ؟ّّ!
هل هو عالم لنا ام ليس لنا؟
ألسنا متواطئين بشكل أو بأخر في زحمة أطياف و ألوان النفس البشرية الجاحدة متظاهرين بالتمتع في الاستماع للسيمفونية البشرية الصماء ؟
دمار أسود مظلم هو كل ما يحيط بي الان  أو مساحات شاسعة من المستنقعات الضحلة القادرة على التهامي في أقل من رمشة عين .. وهي ذاتي المجروحة التي تسعى إلى الابتعاد بعد أن احترقت معظم بساتين و جنائن قلبي المفعمة بالظهر و البدايات ..
دخان القلب الذي شارف على الرماد .. أستنشقه فأختنق حتى البكاء و الإغماء و الوقوع أكثر من مرة في هاويات غربتي المقيتة ..
على مشارف المستنقع أنا المشرد الضائع المغترب الممزق .. أقف كالذي يوشك على إلقاء مرثية أمام  حشد من البشر .. أقف متردداً .. و في لحظة إنخطاف أعود مذعوراً خائفاً من الوقوع و الغوص في مستنقع الغربة الشرس ..
أعود لأدخن بعض وردي الذي قتل في حادث غربة متعمد .. و لأغرس في عمق القلب أكثر من وردة و أكثر من قمر .. و لألقي على مسامعه قصيدة نقاء كلماتها و حزني المتأبد ..
أعود إلى وطني الذي بات يعيش في بأمان و حرية و وحدة بعيداً عن خناجر المراهنة و الحماقة و المراهقة الثورية و السياسية ..
آه يا وطني يا ابن الشجرة و يا سيد الورد و العشق و الكلام ..
قل لي كيف أبتعثر أكثر كي تتلملم و تنعم بالوحدة أنت ؟
كيف أحترق لتنام دافئاً أنت .. ؟
كيف أتنزع الكلمات من أثير النسمات كي تكون كتاباً أزلياً أنت ؟
كيف أعشقك أكثر و أحرسك و أموت أكثر كي تحيا أنت ؟
ها أنا في هذه الغربة بعيداً عن صلاة و دعاء أبي و قبلة شجرتي .. أسير بكل ما أوتيت منك يا وطني .. و أخذل أيضاً بكل ما أوتيت من الذين أحبوك خطأ فأردوك معي في غياهب الغربة الحديدة .. كي أحملك تارة و تحملني تارة أخرى من شدة التعب و الانكسارات ..
آه يا وطني المنهك من حسابات الربح و الخسارة و السياسة  و التاريخ و الحماقة ..
يحدث في زمن البرد و الرجفة أن يصاب العاشق بوعكة خنجر فيرحل رغماً عنه مخذولاً بصحبة حقيبة يخبئ بها فتات أحبته و رائحتهم و رياحين أرضه ..
قل لي الان إذن أيحدث أن ترحل أنت أيضاً ؟
أيحدث أن يرحل وطنٌ عن أهله!!
أرجوك لا تفعل ..
فإن وقت العودة و العشق و الورد بات أقرب من أي وقت مضى ..
لا ترحل ... أيعقل أن يرحل وطنٌ عن أهله!!
تصبحون على وطن

12/1/2009