الرفيق ابو انور سنواصل الحلم....... ولن ننساك بقلم عصام بكر

2008-09-08

 

 

الرفيق ابو انور سنواصل الحلم....... ولن ننساك

 

لا اعرف اذا كانت مجرد صدفة ان ازوره في بيته قبل ايام فقط من هذا الرحيل المفجع لرجل فذ امضى حياته من اجل شعبه ودفاعا عن قضاياه ، وكأن القدر يرتب اللقاء الاخير بهذا الفارس المقدام الذي عرفناه واحببناه فبادلنا وفاء بوفاء وحب بحب ، كنا الاربعاء بعد يومين من الافراج عن دفعة جديدة من الاسرى واثناء عودتنا من يطا التي كنا فيها لتهنئة الاسير المحرر ابو علي يطا برفقة ومعية الرفاق بسام الصالحي ويوسف زيادة ، زيارة الرفيق الذي عاد من المشفى قبل يوم واحد فقط ولم نعلم ان هذه الزيارة ستكون الاخيرة وان الموت سيغيب هذا المناضل عنا،استقبلتنا ام انور والدموع في عينيها سألنا عن وضع الرفيق؟؟؟ وصحته؟؟؟ وما هي الا دقائق حتى جاء بطلته المعهودة ووجهه البشوش ونظرتة العميقة التي تقرأ فيها عمق الاشياء نظرته الثاقبة ذات سحر معين تأسر من حوله ، سلمنا عليه بحرارة وجلسنا نتحدث كالمعتاد في الايام العادية ، كانت علامات التعب واضحة ، بعض الشحوب على الوجه وضيق في التنفس كانت هذه اعراض العملية والمشفى واضحة بقوة ولكن خيل لنا ان هذه العلامات هي عوارض طارئة ولا حاجة للانسياق للمبالغات التي تحدثت عن تدهور خطير في صحته ، ومما عزز هذا الاعتقاد هو مبادرتة بفتح موضوع الوضع السياسي و الداخلي رغم رغبتنا بمحاولة عدم الحديث في السياسة حتى لا نجهد الرفيق او نزيد من توتر اعصابه ، واذا به يوجه سؤالا مباشرا للرفيق بسام الصالحي قائلا شو اخر التطورات والاخبار بالنسبة للحوار يا بسام ؟؟؟؟  ثم يستطرد بالاسئلة عن الحكومة وعملها والمخرج من الازمة الحالية مؤكدا ومكررا اكثر من مرة بان الوحدة هي المخرج ، وبألم كبير تحدث عن الانقسام الداخلي !!! كانت نبرتة صوتة الجهوري ولهجتة المعتادة!!!!  ساله بسام هل حسب ما تعرف مررنا بظروف اكثر سوء من الوضع الحالي فكان الجواب مباشرة وبلهجة صارمة  ربما النكبة ؟؟؟؟ نقاش طويل واسئلة كبيرة طرحها الرفيق الراحل فؤاد رزق تحدث في قضايا كبيرة ومتعددة عن تجارب امريكا اللاتينية الحركات اليسارية هناك مقارنة باوروبا ، تحدث عن ازمة القوقاز وامتدح بوتين والخطوات الروسية مشيرا الى ضروة ان ينتهي القطب الواحد الذي تتزعمه امريكا ، تحدث عن القضية الوطنية والمفاوضات معتبرا انها لن تقود الى نتيجة طالما بقيت العقلية المسيطرة والتي تحكم اسرائيل هي الهيمنة والقمع والتنكر لحقوق الشعب الفلسطيني ، عن الشراكة السياسية ومنظمة التحرير وضرورة اعادة بناء مؤسساتها كان ما عكر صفوه اثناء النقاش هو موضوع الانقسام الداخلي واهمية انهاء هذا الانقسام الذي قال بالحرف انه " الانقسام " ( يقضي على القضية الوطنية من اساسسها) .

مواضيع اخرى شملتها تلك الدقائق الصغيرة وللاسف الاخيرة التي جمعتنا بهذا الراحل الكبير حول  زياراتة للاتحاد السوفيتي السابق ، وعن التدخين الذي اوقفه مؤخرا بسبب المرض ، وعند سؤاله الا يخطر ببالك" التدخين" اجاب اطلاقا  !!!!! حتى في قمة المرض ظل ممسكا بارادة فولاذية لا تلين سأل باسهاب عن الحزب والرفاق وكانه يذكرنا ان نصون الوصية وان نحمل الراية من بعده الى نهاية المشوار .

انتهت الزيارة وغادرنا بعد ان شربنا  القهوة التي رفض تناولها وقف مودعا واخبرناه اننا سنراه وعلينا المغادرة كي يأخذ قسطا من الراحة صافحنا بحرارة وعدنا الى رام الله في الطريق حاولنا استكشاف وتقيم وضعه الصحي بشيء من التمعن والتفحص بعد ملاحظة العدة كيلوغرامات التي فقدها في وقت قصير وطريقة التنفس التي عبرت عن خوف ما .

 

عدنا الى رام الله علمنا بعدها بتدهور حالته الصحية ثم وفاته الثلاثاء الماضي ، اقل من اسبوع مابين الزيارة والوفاة ثم التشيع المهيب الذي يليق برحيل القادة والعظماء ، ما لا يعرفه الكثيرين عن الراحل ربما من جيلي والاجيال الشابة والاشبال والطلائع ان هذا الرجل بامتياز كرس حياته عن طيب خاطر وبارادتة الذاتية المتقدة التي لم تصدا ابدا بفعل التقلبات ، وبقراره الشخصي طوعا من اجل الدفاع في كل الميادين والساحات غير ابه بالمخاطر والصعاب ، جاب العواصم والبلدان ليقول للعالم الاخرس الاعمى ان هنا شعب يناضل من اجل انهاء الاحتلال والظلم ، تنقل الراحل في صفوف الحزب والهيئات التنظيمية المختلفة وصولا الى اعلى الهرم تعبيرا عن التقدير واعترافا بالدور الريادي المتفاني من اولئك العمالقة من الرعيل الاول الذين تركوا لنا ارثا وتراثا خالدا يضيء لنا الطريق مهما اشتدت عتمة الليل  ، تاريخ فؤاد رزق وفايق وراد وبشير وسليمان وغيرهم الكثير هو منارة حقيقة للنضال والفعل الوطني الحقيقي الملتصق بهموم الناس والمعبر الامين عن احلامهم مهما كانت النتائج ،فلم يستطيع السجن ان يغير شيئا ولا الملاحقة والمطاردة والتعذيب ، ناضل فؤاد رزق بكل الاشكال عندما كان النضال مكلفا وفاتورته عالية جدا لكنه لكنه بقي شامخا غير مبال بما يقع على الانسان من اعباء مع المعرفة بالقدرة المحدودة على التحمل ، افنى زهرات الشباب وهو قابض على المباديء رافضا التحريف او التزييف وتغير الالوان رغم الضبابية والصعوبات واحيانا المغريات لكنه دائما كان وفيا وصادقا صدوقا مخلصا لكل القيم التي امن بها ممسكا ببرنامج الدفاع عن المهمشين والفقراء والمسحوقين ابنا بارا للطبقات الفقيرة .

في الحزب كان مدرسة بامتياز منظرا للوحدة والتوحد رافضا للفرقة والتفسخ والانقسام ، امتلك ثقافة عالية في موضوعات مختلفة بدء من تاريخ الاقطار العربية والصراعات في منطقتنا وانتهاء بالعلاقات الدولية والتوازنات الدولية والمحاور والتحالفات ، نفتقد وربما سنتفتقد على المدى الطويل لأنسان بهذه الشجاعة والكبرياء ولما شكل من حالة في تاريخ الحزب الحركة الوطنية الفلسطنية بأسرها .

فؤاد رزق انتزع بجدارة صفة القائد الاممي التقدمي الكبير مقرونة مع كونة بالاساس مناضلا وطنيا بارزا اسهم في شق الطريق مع كوكبة من الرموز الكبار نحو فجر الحرية والاستقلال الوطني حلم بالدولة والسيادة الوطنية وبمثابرة حفر اسمه عميقا في سجل الخالدين مطرزا اسمه في هامة التاريخ الفلطسطيني ، أمن بالفكر التقدمي وبالعادلة والمساواة وكل القيم الجميلة التي تدغدغ مخيلتنا حارب الجهل والتخلف والظلام ، قلائل هم الذين يواصلوا حمل الحلم للنهاية

فؤاد رزق كنت واحد منهم فعهدنا لك ان نصون براعة الانجاز ، وعظم الحلم ، وجمال الايام القادمةعشت ...... لنا منارة وستبقى لنا  ونحن الاوفياء

 

 

بقلم عصام بكر

 

        6/9/008