راؤول كاسترو يختتم مسيرته: الثورة الكوبية عابرة للأجيال "الأخبار" اللبنانية

2021-04-19

راؤول كاسترو يختتم مسيرته: الثورة الكوبية عابرة للأجيال

"الأخبار" اللبنانية

كتبت صحيفة "الأخبار" اللبنانية، مقالاَ عن المؤتمر العام للحزب الشيوعي الكوبي المنعقد هذه الأيام في العاصمة هافانا، تقول:

بعنوان «الاستمرارية التاريخية للثورة الكوبية»، انطلقت، يوم أمس، فعاليات المؤتمر الثامن لـ»الحزب الشيوعي» الكوبي في العاصمة هافانا. المؤتمر، الذي حاز على مدى الأشهر الماضية اهتماماً استثنائياً في الجزيرة الكاريبية، سيكون مختلفاً هذه المرّة عمّا سبَقه، لِمَا سيحمله من تغيُّرات في هيكلة الحزب الحاكم، وخصوصاً لجهة اعتزال الأمين العام للحزب وشقيق قائد الثورة الكوبية، فيدل كاسترو، راؤول، بعد ستّة عقود من المشاركة في الحياة السياسية، ليُسلِّم الشعلة من بعدِه إلى رئيس البلاد الحالي، ميغيل دياز كانيل، بحلول بعد غدٍ الاثنين، موعد اختتام المؤتمر. وتكمن أهمّية الحدث في كونه سيحدِّد سياسة الجزيرة في القطاعات كافة للسنوات الخمس المقبلة، فضلاً عن أنه يعني نهاية حقبة حكم الأخوَين كاسترو، والتي بدأت منذ انتصار الثورة التي قادها فيدل ضدّ «الإمبريالية الأميركية» عام 1960.

راؤول (90 عاماً)، الذي يحظى بمكانة كبيرة في وجدان الشعب الكوبي، تولّى، في عام 2006، رئاسة البلاد بشكلٍ موقّت بعد مرض شقيقه فيدل، ليتحوّل بعدها بعامَين، بتفويضٍ برلماني، إلى الرئيس الرسمي لكوبا. وفي عام 2011، وبعد إعلان فيدل نيّته ترك الحياة السياسية، انتخَب أخاه خلَفاً له في منصب الأمين العام لـ»الحزب الشيوعي»، لتتعزَّز أهمية هذا الأخير بعد وفاة فيدل كاسترو في عام 2016. بعدها بعامَين، ارتأى راؤول أن موعد التنحّي عن منصب رئيس الجمهورية قد حان، ليحلّ محلّه دياز كانيل، فيما أعلن هو أنه سيتنحّى تماماً عن كل أشكال السلطة عام 2021، إذ قال حينها: «بعد ذلك، إذا سمح وضعي الصحّي، سأكون مجرّد جندي إضافي مع الأشخاص الذين يدافعون عن هذه الثورة».

ويأتي المؤتمر في وقتٍ تعيش فيه الجزيرة أزمات عدّة، أشدّها في القطاع الاقتصادي، وذلك نتيجةَ عاملَين: يعود الأوّل إلى التحوّل في السياسة الأميركية تجاه كوبا إبّان عهد دونالد ترامب، والذي نسف جهود سلفه باراك أوباما في تطبيع العلاقات مع الدولة الكاريبية، معيداً تشديد الضغوط على هذا البلد، عبر اللجوء إلى إقرار 242 إجراءً عقابيّاً، خلال السنوات الأربع التي أمضاها في البيت الأبيض، بهدف خنق الجزيرة؛ فيما ساهم وباء «كورونا»، ثانياً، في خنق اقتصاد هافانا، تاركاً نتائج سلبية على السياحة، القطاع الأكثر حيويةً في كوبا، ما أدّى إلى تقلُّص الاقتصاد الكوبي بنحو 11% في العام الماضي، وفقاً لتقديرات حكومية.

مع ذلك، تبدو الدولة الكاريبية متمسّكة بنهجها الاشتراكي. وهو ما أكده دياز كانيل غداة انعقاد المؤتمر، حيث قال: «إنه مؤتمر الاستمرارية»، مؤكداً أن الخطوط التوجيهية لواحد من آخر خمسة بلدان شيوعية في العالم «لن تتغيّر». وعلى مدى أربعة أيّام، سيحضر المئات من مندوبي الحزب، والذين أتوا من كلّ المقاطعات، اجتماعات مقسّمة على ثلاث لجان، تتناول أبرز القضايا المستقبلية للبلاد، بما فيها الشأنان الاقتصادي والاجتماعي، والسياسة الأميركية تجاه كوبا في ظلّ رئاسة جو بايدن. كما سيتمّ تحليل نتائج المؤتمر السابع الذي عُقد عام 2016. إضافة إلى ذلك، سيشهد المؤتمر انتخاب كوادر جديدة من جيل الشباب في «الحزب الشيوعي»، ليحلّوا محلّ كوادر الجيل الذي شارك في صنع الثورة.

وبدأ الاجتماع المغلَق بعد ستين عاماً تماماً من اليوم التالي لإعلان فيدل كاسترو الطابع الاشتراكي للثورة. وبخلاف النسخ السابقة للمؤتمر، لم تُبَثّ صباح أمس أيّ مشاهد للمؤتمر. وبحسب الموقع الرسمي، «كوباديبيت»، بدأت الفعالية بتكريمٍ لفيدل كاسترو، ثم بتقديم راؤول التقرير المركزي للمؤتمر، للنوّاب. وعنونت «غرانما»، صحيفة الحزب الرسمية، «مؤتمر كوبا ينعقد!»، متوقّعة «أربعة أيام من النقاشات المكثّفة، ومن البحث عن حلول»، ومشيرة إلى «عملية انتقالية طبيعية من جيل إلى آخر».