الانتخابات البرلمانيه اليونانيه - عوده اليمين - د. عقل طقز

2019-07-11

الانتخابات البرلمانيه اليونانيه - عوده اليمين

* د. عقل طقز  

بعد الهزيمه التي مني بها حزب سيريزا بقياده رئيس الوزراء "الكيكسس تسيبراس" في انتخابات البرلمان الاوروبي في ايار الماضي 2019 سارع تسيبراس الى الدعوة لانتخابات برلمانيه في السابع من تموز الجاري. 

ورغم وضوح الرسالة التي ارسلها الشعب وخاصة مصوتوا اليسار وانفضاضهم من حول سيريزا في تلك الانتخابات إلا ان تسيبراس رأى الحل في انتخابات برلمانيه  مبكره. ربما - وهذا تقدير شخصي - اراد ان  ينهي حكمه وينتقل الى المعارضه في لحظه ما زال الحزب فيها قويا, لان المراقب للوضع الداخلي كان لا بد ان يلاحظ  اتساع اجواء عدم الرضى من اداء حكومته ان لم يكن الرفض وذلك بسبب عجزه عن حل المشاكل الاقتصادية للبلاد التي وعد الشعب اليوناني بها يوم تسلم السلطة في العام 2015, وان تأخير الانتخابات سيؤدي الى استمرار التراجع؟

ويمكن القول هنا ان السرعة التي صعد بها حزب سيريزا - المحسوب على اليسار- الى السلطة تساوي ربما السرعة التي هوى فيها.

ولان حزب سيرزا كما ذكرنا محسوب على اليسار فان الامال التي علقها عليه جمهور اليسار في اليونان خاصة وفي اوروبا عامه "وحتى ان بعض اليسار في العالم الثالث رأى فيها بارقة أمل في نهوض اليسار عالميا", هذه الامال  كانت كبيره وبالتالي كانت خيبه الامل ايضا كبيره بقدر تلك الآمال، ويمكن القول ان  هذه التجربة قد سببت الكثير من الاحباط  لدى جمهور اليسار بسبب سياساتها المعاديه لمصالح اوسع الفئات الشعبيه في اليونان.

غير ان المتابع لمسيره الحكم هذه كان لا بد ان يتوقع هذه النتيجة ويستنتج امرين هامين:

الأول: انه كان لهذا الصعود ثمنا سياسيا باهظا دفعه الحزب وخاصة زعيمه  على صعيد المواقف السياسيه  والسياسات ألاقتصاديه  لينال رضى اعضاء نادي السياسة في الاتحاد الأوروبي، خاصة وان هوامش التمرد على السياسات الاوروبية التي يرسمها كبار قوى الاقتصاد ضيقه بشكل عام وأضيق للدول الفقيرة او المأزومة التي تنتظر"مساعده" اوروبا للخروج من الازمة ألاقتصاديه الحاده. هذا ادى الى اتساع الهوه بين الشعارات الانتخابيه وممارسه الحكم .

الثاني: انه كانت هناك مهمه لا يمكن ان يقوم بها حزب يميني تقليدي على الساحة اليونانيه وهي تمرير حزم التقشف وتخفيض الاجور والإجراءات ألاقتصاديه اللاشعبية التي كان من الممكن ان تشعل غضبا جماهيريا عارما في الشار ع اليوناني وبالتالي فان تنفيذها من قبل حكومه "يسارية" سيلجم  ردود الفعل ويقلل من حدتها خاصة وان الحزب الشيوعي اليوناني وهو الوحيد  الذي عارض هذه السياسه لا يستطيع وحده افشالها خاصة وان حزب سيريزا  كان يحظى بدعم اكثر من 35% من الاصوات  الى جانب رضى الحزب اليميني المعارض عن هذه السياسة وهذا ما كان فعلا.

وبعد, يمكن القول ان اليونان قد عادت الى حكم الثنائيه الحزبيه الذي سيطر على الحياة السياسيه منذ العوده الى الديمقراطيه اواسط السبيعينيات بفارق ان سيريزا يمكن ان يلعب نفس الدور الذي لعبه حزب "الباسوك" بقياده اندرياس باباندريو مع حزب الديمقراطيه الجديدة اليميني الذي يقوده اليوم نجل زعيمه السابق كوستاس متسوتاكس .

ومن الجدير بالملاحظة ان الحزب الشيوعي اليوناني قد حافظ على قوته الانتخابية المتواضعة "5,35%"، ولم يستطع حزب الفجر الذهبي اليميني المتطرف وكذلك اليونانيون المستقلون "الحزب الذي كان  حليف سيريزا في الحكومة"  تجاوز نسبه الحسم وخرجا من البرلمان. كذلك فقد دخل الى البرلمان حزب جديد شكله وزير الماليه في حكومة سيريزا الاولى (فاروفاكس) والذي قاد الجولة الاولى من المفاوضات مع الاتحاد الاوروبي ليفرض الاوروبيون على تسيراس ابعاده فيقدم استقالته تعبيرا عن عدم رضاه على اداره تسيبراس للمفاوضات. اما الحركة الاشتراكيه لعموم اليونان - الباسوك - فقد غير شعاره واسمه  ليصبح "الحركة من اجل التغيير" وحصل على 8% من الاصوات. كما دخل البرلمان ايضا حزب جديد اسمه "الحل اليوناني" تجاوز نسبه الحسم بقليل وهو حزب قومي.

الملفت في هذه الانتخابات ايضا ان نسبه المشاركه فيها كانت الاقل تاريخيا  حيث لم تتجاوز 57%, رغم ان المشاركه في الانتخابات حسب القانون اليوناني الزاميه. لكنه لم يسجل ان تمت معاقبه المتخلفين عن التصويت  طيلة هذه السنوات.

* متابع للشأن اليوناني