الحكومة القادمة.. حكومة صبر أم فرج - عبد الرحمن التميمي

2019-02-05

الحكومة القادمة.. حكومة صبر أم فرج

عبد الرحمن التميمي

الجدل القائم في الساحة الفلسطينية حول المشاركة او عدمها في الحكومة المنوي تشكيلها قريبا شبه محصور في أي من الفصائل سيشارك وأي منها سيعارض، دون الامعان في أن الجدل حول العموميات وليس التفاصيل، فالخير في التفاهم على التفاصيل في كل جزئيات البرنامج الحكومي القادم.

فان كانت حكومة سياسية قليكن جوهرها هو البرنامج السياسي العملي وليس التنظير في التمسك بالثوابت التي بدأت في تتآكل كل يوم من تهويد للقدس وفصل غزة، وتوسع الاستيطان وتحويل السلطة الوطنية الى بلدية مكسورة الجناح، وان كانت حكومة خدماتية وترك السياسة للجنة التنفيذية فلا بد من ان يحاكي برنامج الحكومة القادمة قضايا الناس الحقيقية حيث الألاف من العاطلين عن العمل وخاصة بين الخريجين والفقر المتزايد والارتجال في بناء الهياكل غير الفاعلة والثقة شبه المنعدمة بين السلطة والجمهور وغيرها، ومن نافلة القول تأن كل القضايا الاجتماعية والاقتصادية يجب ان يكون محورها انهاء الاحتلال وليس التعايش معه كما هو الحال الان.

لا يهمني من هم اشخاص الحكومة ولا تنظيماتها المشاركة ما يهمنا هو ان تكون حكومة الاجندة الاقتصادية الواضحة التي تقضي على الاحتكار وتؤمن بتوزيع الدخل ويهمني الاجندة الاجتماعية وهو عدم استئثار فئة قليله ومن حولها في المناصب العامة والتوظيف، الامتحان الرئيس في الأجندة الاقتصادية والاجتماعية للحكومة المنشودة: العدالة والحريات ومحاربة الفقر والبطالة ضمن مؤشرات محددة واليات واضحة.

أتمنى ان حكومة لديها اجندة للأغوار والمناطق المهمشة وميزانية معقولة لزراعة والتعليم والبحث العلمي وغيرها.

أتمنى ان أرى حكومة أجهزتها الأمنية رشيقة بموازنة معقولة فلا يعقل ان تكون موازنة الامن اكثر من ثلث الموازنة العامة.

لم يبتدع العقل البشري آلية لمنح الشرعية لأي حاكم او نظام سياسي غير خلق مؤسسات وليدة نظام انتخابي حر ونزيه، ويمارس الحاكم صلاحياته استنادا لهذه الشرعية المتكاملة في فصل الصلاحيات بين المؤسسات التشريعية والتنفيذية والقضائية، فإذا تداخلت هذه الصلاحيات فأن الشرعية الممنوحة يشوبها عوار فكيف إذا كانت هذه الصلاحيات بيد حاكم واحد كما هو الحال في معظم العالم الثالث فذلك هو العوار كله، الذي يمنح الشرعية ليس فقط ممارسة العدل في تنفيذ الصلاحيات بل ان من منح الشرعية وهو الشعب هو الذي يقرر ان كان الحاكم قد أقام العدل او لا ومن يمنح الشرعية له حق سحبها، ان ما روي في التاريخ عن الخليفة الراشدي عمر بن الخطاب حين وقف مخاطبا الناس بقوله "من رأى في اعوجاجا فليقومه" لينهض اعرابي مخاطبا عمر لو رأينا فيك اعوجاجا لقومناه بسيوفنا. هذه الحادثة تروى وتدرس كدليل على عدل عمر وهذا صحيح ولكنها أيضا لها دلالات كبيره ومنها:

* ان شرعية الحاكم بعدله وفي عدم اعوجاج الحكم.

* ان الذي يقرر إذا كان الحاكم عادلا ام لا هو الشعب ولهذا نهض الاعرابي وقال كلمته.

* ان الشعب من حقه ان يقوم اعوجاج الحاكم بكل الوسائل وحتى بالسيف.

استنادا الى هذه الدلالات فكأن عمر يقول أنتم الذين تقررون عدلي واخال البدوي انه أراد ان يقول نحن الذي نقرر وبناء عليه اما ان نمنحك الشرعية او نثور عليك.