اين نحن الان اين وصلنا .. الشيء يخلق نقيضه - المحامي شوقي العيسة

2018-11-10

اين نحن الان اين وصلنا .. الشيء يخلق نقيضه

* المحامي: شوقي العيسة

وجود نصف الشعب الفلسطيني داخل فلسطين هو نقيض الصهيونية وأهدافها الإستراتيجية. تجزأة الشعب الفلسطيني الى اربعة اجزاء (رغم وجود ثلاثة منها داخل فلسطين) هو نقيض لمشروع وطني ببرنامج نضالي. خلق تيار ديني سياسي فلسطيني له ارتباطات خارجية مع اطراف من خارج خندق البرنامج الوطني الفلسطيني وتقويته هو نقيض لبرنامج الشعب الفلسطيني في التحرر والاستقلال.

لم تستطع الصهيونية تفريغ فلسطين من شعبها في عام ١٩٤٨ وقبله، لأسباب كثيرة ومختلفة. ولم تستطع السيطرة على كل ارض فلسطين. ولكن ذلك لم يعني انها تخلت عن اهدافها باحتلال كل فلسطين وتفريغها من الشعب الفلسطيني، فهذا هو الثابت في اهدافها الإستراتيجية تكتكت في عام ٤٨ على ان تكمل لاحقا.

في اول اجتماع لأول حكومة اسرائيلية عام ٤٨ ناقشوا استكمال احتلال كل اراضي فلسطين ولكن رئيس حكومتهم وقتها بن غوريون قال لهم الوقت غير ملائم وسنكمل عندما يحين الوقت، وفي عام ٦٤ قرروا احتلال باقي فلسطين. 

وفي ١٩٦٧ استكملت الحركة الصهيونية احتلال كل فلسطين، ولكنها بذلك واجهت معضلات جديدة، فهي باحتلالها اعادت التواصل بين مجموعات فلسطينية ثلاث في الضفة وفي غزة وفي داخل حدودها.

ولكنها واصلت مخططها لتهويد كل فلسطين وألغت تطبيق اتفاقيات جنيف بعد اربعة اشهر من الاحتلال تلك الاتفاقيات التي تمنعها من الاستيطان والإبعاد والعديد من الجرائم الأخرى، وبدأت خطوات للتهجير الهادئ. ولكن كل ذلك لم ينفي ان الاحتلال فك العزلة والحصار نسبيا عن فلسطينيي الداخل، وجعل الفلسطينيين في غزة والضفة يعملون كمجموعة واحدة. ومن جهة اخرى قيامها بتشغيل اكبر عدد ممكن من الفلسطينيين في داخل اسرائيل بهدف ابعادهم عن الزراعة والأرض تمهيدا للاستيطان، ادى الى رفع مستوى المعيشة وتحسين الدخل وهذا بدوره ساعد على البقاء والصمود داخل الوطن.

وكل ذلك فتح المجال واسعا لعلاقات مع منظمة التحرير وتعزيز نفوذها في الداخل، وجاءت الانتخابات البلدية في عام ١٩٧٦ لتشكل صفعة لإسرائيل وترسخ تفاعل الفلسطينيين في الاراضي المحتلة مع الممثل الشرعي والوحيد منظمة التحرير. 

في عام ١٩٨٢ واستمرارا في محاولات الصهيونية تشتيت الشتات الفلسطيني استطاعت اخراج منظمة التحرير من لبنان وتشتيتها، بالمقابل نقل الشعب الفلسطيني زخم النضال الى الاراضي المحتلة، ومرة اخرى صفع المخطط الصهيوني صفعة غير مسبوقة بالانتفاضة الشعبية التي بدأت في عام ١٩٨٧ .

كل ذلك والصهيونية لم تغير من هدفها الاستراتيجي بالسيطرة على كل فلسطين مع مرونتها في التكتيك وتقسيم تنفيذ اهدافها النهائية الى مراحل . 

وضعت في عام ١٩٨٨ خطة معقدة لتفكيك البنى التي تناضل ضدها ، وذلك لقتل مشروع قيام دولتين في فلسطين .

الصهيونية تعرف ان اليوم الذي توافق فيه على تحديد حدود اسرائيل هو اليوم الذي يبدأ فيه العد العكسي لمشروعها.

بدأت مرحلتهم الجديدة بجلسات حوار مع حماس عام ٨٩ طرحت فيه خطة خبيثة تشبه اتفاق اوسلو، ولكنها قدرت ان حماس في ذلك الوقت اضعف من ان تستطيع تنفيذ ذلك، وفي نفس الفترة بدأت ثمار تشتيت وإضعاف منظمة التحرير بالظهور، وكانت اولى المؤشرات فتح علاقة بين الولايات المتحدة الامريكية والمنظمة لإبعادها عن حلفائها وجرها الى مستنقع المخططات الصهيونية وهي في مرحلة ضعف غير مسبوقة.

وبدأ العمل على تحييد قطاع غزة الى حين الانتهاء من ضم الضفة بأقل عدد ممكن من الفلسطينيين. 

ونجحوا من خلال اتفاقية اوسلو وأخطاء قيادة المنظمة وتقوية حماس في جلب المنظمة الى غزة ومن ثم انهاكها وإضعافها وإفسادها تمهيدا لإحلال حماس محلها.

ثم البدأ في مرحلة جديدة بإنشاء امارة دينية في قطاع غزة تعرف اسرائيل انها ستكون اقرب الى نموذج افغانستان طالبان منها الى نموذج تركيا مما يسهل القضاء عليها لاحقا.

وضم الضفة بالتدريج مع تهجير صامت لجزء كبير من سكانها ، وبعد الانتهاء من ذلك ، الاستمرار في تكثيف الاسباب التي تؤدي الى هجرة سكان غزة تمهيدا لاعادة احتلالها.

وخلال تلك المراحل العمل المتواصل على انهاء قضية اللاجئين خارج فلسطين وشطب وكالة الغوث وصولا الى شطب ملف اللاجئين.

لا شك ان لديهم في حماس وفي المنظمة من يسهل ويساعد، بعضهم او لنقل قليلهم بعلم وكثيرهم بغير علم.
ولكن من يعتقد انهم يريدون الضفة ولا يريدون غزة جاهل وغبي.

خطتهم بإنشاء امارة دينية وليس قومية في غزة ، سببها تسهيل القضاء عليها لاحقا بعد هجرة الكثير من سكان غزة والتي ستسهلها اسرائيل ويساعد عليها فساد حماس وقمعها .

الصهيونية تريد ان تكون القوة المقررة في الشرق الاوسط بالاحتلال المباشر لكل فلسطين وغير المباشر لدول الجوار، وهي تعرف ان من ينافسها في ذلك تركيا وإيران وليس انظمة الغباء والتخلف والتبعية.

هذه خطتهم. اين خطتنا وأين قيادتنا وأين كفاءاتنا وأين شبابنا، الوقت لا ينتظر ......

* ناشط حقوقي ووزير سابق / مستقيل