السيطرة بالتصعيد معادلة ضبط النفس فى غزة د. وجيه ابو ظريفة

2018-02-18

السيطرة بالتصعيد معادلة ضبط النفس فى غزة

د. وجيه ابو ظريفة  

أربع سنوات مرت على العدوان الاسرائيلي الشامل على غزة فى العام ٢٠١٤ والذى انتهى بمعادلة جديدة لقواعد الاشتباك بين جيش الاحتلال وفصائل المقاومة فى القطاع عبر هدنة شملت إقرار الجانبين بان الحرب لن تحسم الصراع بينهما وبالتالي وضعت ضوابط للبقاء على اهبة الاستعداد على جانبي الحدود ولكن دون الضغط على الزناد.

خلال السنوات الأربع جرت كثير من الخروقات للهدنة المعلنة ولكن فى اغلبها كانت خروقات ذات طبيعة ميدانية نتيجة احداث عارضة او نتيجة تدخل أطراف خارج أطراف اتفاق الهدنة خاصة السلفية الجهادية التى أطلقت بعض القذائف الصاروخية عدة مرات بهدف التشويش على الوضع القائم ومحاولة جر الأطراف لمعركة لا يريدها اي منهما 

الرد الاسرائيلي على كل حدث فلسطيني تفسره اسرائيل انه خرق للهدنة كان ردا قاسيا عبر قصف مواقع استراتيجية للمقاومة وإيجاد ذريعة لإيلام المقاومة دون استفزازها الى حد الرد المؤلم للاحتلال حتى حين قصفت اسرائيل النفق التابع للجهاد الإسلامى واستشهد تسعة من المقاتلين استفادت اسرائيل من اجواء المصالحة الفلسطينية فى ذلك الوقت والذى منع الجهاد الإسلامى من الرد القاسى بحجم الجريمة الاسرائيلية واعتقدت اسرائيل انها قد افلتت من العقاب على جريمتها

جاء تفجير الجيب العسكري الاسرائيلي اليوم شرق خانيونس ليحمل دلالات جديدة وربما أهمها ان ضمان استمرار الهدوء على الحدود تم بتوجيه رسالة عبر عملية عسكرية نوعية فالهدف جيب عسكري دخل الى داخل القطاع والعبوة ذكية اصابت الهدف بقوة ودقة ووضعت اسرائيل فى مأزق حقيقي فلا تستطيع ان ترد ردا كبيرا بحجم الحدث يستدعي ردا مماثلا من المقاومة قد يؤدي الى حرب شاملة ولا تريد ان تسكت على حدث بهذا الحجم لتظهر خوفها من قوة ردع المقاومة فجاء الرد الاسرائيلي الباهت عبر قصف بعض المواقع ليعنى ان قواعد الاشتباك لن تستطيع ان تغيرها اسرائيل وحدها وان مراهنتها على قوة الردع الإسرائيلية قد لا تكون مراهنة صحيحة وان لدى المقاومة ادوات تستطيع من خلالها وبذكاء الاستفادة من نفس قواعد اللعبة التى تلعبها اسرائيل

اثبتت المقاومة فى غزة وعبر هذه العملية النوعية انها تتسم بالذكاء واستفادت من تجارب الصراع وتعلمت الدرس جيدا بان خير وسيلة للدفاع هي الهجوم ولكن بحذر ويقظة وذكاء وفرضت على الاحتلال قواعد لظبط النفس عبر السيطرة بالتصعيد لتكون المعادلة القادمة ان الهدوء يقابل بالهدوء والتصعيد يقابل بالتصعيد وان المقاومة هي ايضا تستطيع ان تغير قواعد الاشتباك ان ارادت ولكن ليس كما يريدها الإحتلال الاسرائيلي 

 المحلل السياساتى (للشبكة) شبكة السياسات الفلسطينية