مختصون: نصف مصانع الباطون بلا مواصفة فلسطينية

2017-10-03

مختصون: نصف مصانع الباطون بلا مواصفة فلسطينية

* تاجر: المنافسة غير شريفة والجودة تحتاج الفحص

رام الله: سواء كنت تريد شراء شقة سكنية او حتى بناء عقار تجاري وما الى ذلك فعليك ان تعرف بعض المعلومات قبل بدء مشروعك العقاري، شراء او بناء.. تعرف على الوضع السائد للعقار في فلسطين واحذر من الغش الذي يمكن ان يحدث بعدة طرق ويمكنك تجنبه ببعض الحذر والفحوصات لمواد البناء.

بوابة اقتصاد فلسطين- حسناء الرنتيسي:

شهدت الآونة الأخيرة نشاطا غير مسبوق في حركة البناء والاعمار، فالقطاع العقاري قطاع يحظى بثقة المستثمرين ورجال الاعمال نظرا للعائد المادي الجيد والموثوق الذي يمكن ان يجنيه هؤلاء لقاء إقامة مبان سكنية او تجارية وبيعها، لارتفاع أسعار الشقق والمباني، ما يعني الربح الوفير والمضمون.

ترى هل تحظى هذه المباني الشاهقة والمجمعات السكنية بثقة المواطنين من حيث جودة مواد البناء المستخدمة، وهل تحظى مواد البناء المستخدمة في المباني الصغيرة أيضا من ثقة المواطن؟..

في الوقت الذي تتعدد فيه النقابات ذات الاختصاص والجهات الرقابية يبقى هذا التساؤل قائما ومثيرا لثقة المواطن.

المواد المطلوب فحصها

المهندس رشاد غنام من المجلس الاقتصادي للتنمية والاعمار –بكدار- يقول أن المواد الأهم التي تدخل في البناء هي الباطون والحديد، وللتشطيبات الالمنيوم والابواب وما شابه. وهذه المواد عرضة للغش، وهناك خطورة كبيرة في ذلك.

ويشير الى ان الغش يمكن أن يكون أولا من ناحية الكميات المستخدمة (عند اعداد الخلطات للبناء)، ونوعية المواد المكونة للخلطة كالرمل و"الحصمة" وما شابه.

أما من يمكنه أن يقوم بالغش فهي الكسارات والشركات المختصة في اعداد خلطات الباطون  مثلا، فأحيانا يكون الحجر لين قليلا ولا يحتمل القوة، أما الحديد فالمجال اضعف للغش فيه، لكن يفضل الفحص، وأحيانا تكون علامات التلف واضحة عليه من خلال مظهره الخارجي بالنسبة للحديد او الباطون.

ويوضح قائلا: في فلسطين لا يوجد الا مصنع واحد في مدينة اريحا، ويتم استيراد معظم الحديد من الخارج من الصين وتركيا وغيرها.

أما الاسمنت فيتم الحصول عليه من إسرائيل عبر شركة سند ومن الأردن، وبشكل عام فإن 50-60% من مواد البناء يتم استيرادها من إسرائيل والخارج.

من يقوم بالفحص؟

ويقول المهندس محمود أبو الخيزران أن شركات مواد البناء هي من تتقدم للحصول على فحوصات دورية لمواد البناء طوال العام، وفي مشاريع المباني الكبيرة المهندسون المشرفون هم من يتابع هذه الفحوصات من خلال المختبرات المعتمدة.

ويضيف "كمؤسسة نفحص للشركات التي تقدمت لطلب الفحص فقط، وزارة الاقتصاد الوطني يجب ان تقوم هي بالرقابة."

وبالنسبة لفحص الاسمنت فيبين أبو الخيزران أن الاسمنت يتم اعطاؤه شهادات مطابقة للمواصفات كونه ليس منتج وطني، فهو ليس منتجا محليا "لكن نأخذ عينات عشوائية للشحنات التي تدخل ونفحصها، ولا يتم فحص كل الشحنات انما من يطلب الفحص نجريه له، فشركة سند مثلا تطلب فحوصات، حيث يتم – تقريبا- كل أسبوع فحص ثلاث عينات، إضافة الى فحص الاسمنت عن طريق الأردن، حيث نشارط عليهم ان نقوم نحن بفحصه.

وهناك أيضا فحص يتم للطوب، حيث تقوم مؤسسة المواصفات والمقاييس بفحصه بناء على طلب من الشركات التي تبيعه على حسابها الخاص.

لا مختبرات عامة للفحص

ويشير م. غنام أنه لا يوجد لدينا مختبرات عامة تقوم بالفحص، فمن يرغب بالفحص يحصل على عينات من المادة المراد فحصها ويرسلها لمختبر خاص ليتأكد من سلامتها ومطابقتها للمواصفات، ومن يقوم بالفحص هم عادة الأبراج والشركات الكبرى، وبعض المواطنين ممن يتخوفون من تعرضهم للغش.

وينفي أبو الخيزران وجود مختبرات عامة لفحص مواد البناء، يقول "يجري العمل على انشاء مختبر عام للفحص، والمختبر جاهز، لكن الموضوع بيد المقاولين الان لإتمام التجهيزات اللازمة ثم سيتم المباشرة في تشغيله."

ويكلف فحص الحديد نحو 600-700 شيقل، وعادة فحص مواد البناء عامة يكلف نحو 1% من التكاليف للمبنى كاملا حسب م. غنام.

ويكلف فحص الباطون حسب المهندس أبو الخيزران نحو 500-700 شيقل، ويعتمد ذلك على عدد العينات المطلوب فحصها.

ويضيف أن الطوب أيضا يتم فحصه للشركات بنفس طريقة فحص الباطون.

الرقابة مسؤولية من؟

ويشير المهندس أبو الخيزران الى وجود تعليم فني الزامي بإجبار كل شركات الباطون بالحصول على شهادة مطابقة للمواصفات والمقاييس، لكن ذلك غير مطبق لدينا، رغم ان الكل يجب أن يحصل هذه الشهادة.

يقول "لدينا 82 مصنع باطون في الضفة الغربية، منهم ما يقدر بالنصف لم يحصلوا على شهادات المواصفة."

وتشترط البلديات توفر مهندس للإشراف على المراكز الكبرى والشركات وما شابه، لكن ذلك لا يكفي لمنع الغش، فالرقابة تعود للمقاول فقط، فاذا اعترض المهندس على شيء معين سيتعرض لعقوبة، ويمكن ان يتم تهديده فيضطر للسكوت للحصول على مكافأته وضمان بقائه على رأس عمله.

ويقترح المهندس غنام ان تكون طريقة دفع المستحقات للمهندس عن طريق البلديات، وليس الامر بيد صاحب المبنى او المقاول، فذلك أضمن لنزاهة المهندس وليتمكن من القيام بعمله دون تخوف من أي مضايقات.

أما عن دور المؤسسات المحلية والوزارات في الرقابة على جودة مواد البناء عند طرحها العطاءات لإنشاء مبان عامة فأوضح فخري الصفدي -مدير عام الأبنية في وزارة التربية والتعليم العالي - أن شروط العطاءات تتطلب ثلاثة عناصر أساسية، حيث يجب أن تكون المواد المستخدمة في البناء ناجحة مخبريا حسب المواصفة المحددة، ثانيا ان تكون حاصلة على شهادة مطابقة جودة واشراف من مؤسسة المواصفات والمقاييس الفلسطينية، ثالثا الأفضلية للمنتج الوطني حتى وان كان سعره أعلى من المستورد.

ليس لدينا مفاضلة أسعار لأنه في الأبنية يدخل عناصر متعددة في البناء من ماء وباطون وحديد والطوب وغيره وبالتالي لا مفاضلة بالسعر.

لماذا لا يوجد اشهار للأسعار؟

يتساءل نادر البياع، تاجر مواد بناء عن أسباب عدم اشهار أسعار مواد البناء رغم أهميتها وحجمها بالنسبة للمستهلك وللاقتصاد الفلسطيني، فحين التوجه لشراء مواد بناء من قبل مواطن عادي ليس مقاول او خبير في مواد البناء يمكن ان يتعرض للغش في السعر والجودة، فالتنافس غير شريف في الأسعار، حيث يمكن للمواطن ان يشتري قطعة بسعر معتدل ويشتري بقية مستلزماته بسعر مضاعف لجهله في هذا المجال، كما انه لا يوجد فاتورة واضحة وهذا عمل مقصود، وذلك حتى لا يتمكن المواطن العادي من فهم التفاصيل وبالتالي يكون عرضة للغش والاستغلال ولا يعرف ذلك الا المهندسون والخبراء في اعمال البناء، وهم يحابون التجار عادة.

كما يمكن للمواطن ان يتعرض للغش في المنتج، فقد يكون الطابع على القطعة المراد شراءها انها مصنوعة في إيطاليا وهي ليست كذلك، فأي شخص يمكنه طباعة ذلك على المنتج، ولا يمكن للمواطن العادي ان يتحقق من صحة ذلك.

وعن السعر يمكن للمواطن ان يعرف حقيقة السعر ان كان مبالغ فيه اذا قام بفحص "الكود" على الانترنت، فيمكن للقطعة ان يكون سعرها الحقيقي بضعة دولارات وتباع بأضعاف المبلغ.

من يحمي المستهلك في هذه الحالة في ظل منافسة غير شريفة؟ ونحن نتحدث عن مبالغ كبيرة ومواد اساسية تخص كل مواطن وبيت، فلا يوجد أحد الا واشترى "حنفية" او مغسلة او غيره من مستلزمات التشطيب؟، بينما لو كان هناك اشهار بالأسعار فانه يمكن للمواطن ان يشتري دون شكوك، وسيتم توفير مبالغ طائلة على المواطن والاقتصاد الفلسطيني.

ومن حيث أسعار المواد الأساسية من باطون وحديد وما شابه فيقول م. غنام أنها الأعلى في محافظة الخليل، ونوعا ما هي متوازية ما بين بقية المحافظات ورام الله.

ويوضح م. أبو الخيزران أن الأسعار لكوب الباطون تحدد من قبل لجنة مختصة مع وزارة الاقتصاد والمصنعين وأصحاب العلاقة لتحديد أسعار المواد الخام والربح وما الى ذلك، وهذه الاسعار غير ملزمة للتجار، فللمواطن حق الاختيار بين الأسعار، واي مبالغة في السعر تؤثر على الشركات ومبيعاتها، فالسوق مفتوح وهناك منافسة قوية.

ويؤكد م. غنام حاجتنا كفلسطينيين لمصانع مواد بناء أكثر، من مصانع حديد واسمنت ومصانع لمستلزمات التشطيب من دهان وجبس وغيره، "لدينا عدد من مصانع الدهان وجودتها في تحسن، ولدينا مصنع تبريد وتكييف وهو مصنع بيسان ونحتاج أن تركز مصانعنا على عاملي الجودة والسعر حتى تستطيع المنافسة في هذا السوق المفتوح، رغم معيقات الاحتلال من حيث المواد الخام ومعيقات الاستيراد.