الأزمة تتصاعد.. خصومات من رواتب القضاة والنظام القضائي مهدد بالشرخ

2017-08-22

الأزمة تتصاعد.. خصومات من رواتب القضاة والنظام القضائي مهدد بالشرخ

رام الله- إبراهيم عنقاوي: تتصاعد الأزمة بين القضاة وأعضاء النيابة بشكل أساسي وبين السلطة التنفيذية بسبب ذهاب الحكومة لإجراء تعديلات على قانون السلطة القضائية، وإجرائها خصومات من رواتب القضاة وأعضاء النيابة، الأمر الذي يهدد استقلالية القضاء.

وقال الناطق باسم نادي القضاة د. أحمد الأشقر  لـوطن "من الواضح أن مجلس الوزراء يوسع من حدود اختصاصه خارج إطار النصوص الدستورية، حيث أصدر قبل أشهر نظاماً غير دستوري تضمن المساس برواتب العشرات من القضاة وأعضاء النيابة العامة، على نحو يظهر أنه صدر على خلفية رفض القضاة وأعضاء النيابة للتعديل على قانون السلطة القضائية، وبالتزامن مع إعلان النادي موقف حازم من هذا التعديل".

وأكد القاضي الأشقر أنه بالرغم من حصول القضاة على أحكام قضائية نهائية صادرة عن درجات المحاكم المختلفة بأحقية القضاة في رواتبهم، وإلزام الحكومة بمنع الاقتطاع وتبليغها بذلك، إلا أنها ماضية في الخصم من رواتب القضاة".

واعتبر الأشقر أن ذلك يشكل انتهاكاً صارخاً للمادة (106) من القانون الأساسي التي نصت على "وجوب احترام الأحكام القضائية وعدم الامتناع أو تعطيل تنفيذها باعتبار  القيام بذلك جريمة يعاقب عليها بالحبس والعزل من الوظيفة".

ورفض نادي القضاة مضي الحكومة بإجراءات اقتراح قرار بقانون لتعديل قانون السلطة القضائية، وقال الأشقر إن "نادي القضاة يرفض رفضاً تاماً المساس بقانون السلطة القضائية، إلا من خلال السلطة الدستورية المخولة بذلك، وهي المجلس التشريعي حال انعقاده بنصاب قانوني مكتمل، وضمن الضوابط الدستورية المنصوص عليها في القانون الأساسي الفلسطيني المعدل عام 2003 بوصفه الوثيقة الدستورية النافذة".

وأضاف "أية محاولات خارج هذا السياق الدستوري تعتبر تعديلات مرفوضة جملة وتفصيلاً، لأن قانون السلطة القضائية النافذ هو قانون مكمل للقانون الأساسي، كونه ينظم عمل سلطة دستورية قائمة بذاتها، وبالتالي فإنّ قيام الحكومة باقتراح هذا التعديل هو تجاوز لحدود الضوابط الدستورية، ويشكل تدخلاً سافراً من قبل السلطة التنفيذية بتنظيم الشأن القضائي، لا سيما أن مشروع تعديل القانون المذكور يتضمن على نحو خطير نصوصاً تنتهك ضمانات وحصانات واستقلال القضاء الفردي والمؤسسي، ذلك أنّ قيام الحكومة باقتراح هذا التعديل يشكل اعتداء على مبدأ الفصل بين السلطات، وافتئاتاً على مبدأ المشروعية، وهدراً لمبدأ استقلال السلطة القضائية كمبدأ دستوري، بما يمكن القول أنه محاولة لجعل السلطة القضائية أحد أذرع السلطة التنفيذية، الأمر الذي لا يمكن للقضاة القبول أو التسليم به،  لأن في ذلك مساس خطير برسالتهم القضائية السامية".

وفي هذا السياق، قال الأشقر إن "نادي القضاة والنيابة العامة ينظران إلى إصرار البعض على تعديل قانون السلطة القضائية يشكل تهديداً للنظام الدستوري برمته، لأن استقلال القضاء هو حق للمواطن وضمانه له، قبل أن يكون حقاً للقاضي، لاسيما أن المؤسسات الدستورية تعاني من غياب للسلطة التشريعية، الأمر الذي يوجب تدخل الرئيس للحفاظ على السلطة القضائية، باعتبارها سلطة دستورية مكملة لشرعية النظام الدستوري الفلسطيني".

الخصومات بسبب الرفض

من جانبه، قال قاضي المحكمة العليا عزت الراميني إن فرض الخصومات جاء بعد رفض مجلس القضاء الأعلى للتعديلات التي تحاول الحكومة إدخالها على قانون السلطة القضائية.

وسبق أن أجمعت جمعية نادي القضاة ونادي أعضاء النيابة العامة ومجلس نقابة المحامين، على رفض سعي حكومة الوفاق إلى تعديل قانون السلطة القضائية.

وأكدت الجهات الثلاث في حينه على رفض مبدأ النقاش حول قانون السلطة القضائية، في ظل عدم انعقاد المجلس التشريعي صاحب الاختصاص الأصيل بكل ما يتعلق بالتشريعات الأساسية المرتبطة بالقانون الأساسي كقانون السلطة القضائية.

النظام الشمولي يقترب

أما المستشار القانوني والفني لمركز "مساواة" إبراهيم البرغوثي، فقال لـوطن "نحن نواجه اشكاليتين بخصوص أزمة السلطة القضائية، الأولى من حيث الجهة صاحبة الاختصاص بالتعديل القانوني للسلطة القضائية، من حيث مبادئ الدولة القانونية والفصل بين السلطات، أما الثانية فتتعلق بضرورة إصلاح منظومة العدالة بما يعزز ثقة المواطن بها".

وأضاف "في الإشكالية الأولى تحاول الحكومة التفرد بالتعديل القانوني ظناً منها أن مشكلة الإصلاح تكمن في التشريع، لكننا نختلف معها مبدأياً في ذلك، ونرى أن الأزمة لا تتوقف على القانون فقط وإنما على الأداء والبنية البشرية لمنظومة العدالة".

وتابع "الغريب أن الحكومة اتجهت لوجهة أخرى في تصورها لإصلاح القضاء من خلال توافق بين قيادات منظومة العدالة المتمثلة بـ (رئيس مجلس القضاء الأعلى، والنائب العام، ووزير العدل، والمستشار القانوني للرئيس محمود عباس، ورئيس الحكومة)، وكأننا في صلحة عشائرية.

وأعرب البرغوثي رفضه لهذا التصور في الإصلاح القضائي، مؤكداً أنها "قضية تعني سائر شرائح ومكونات المجتمع، التي من الواجب مشاركتها الجدية مع الأطراف الأخرى للتوافق الوطني حول كيفية مواجهة انخفاض الثقة والكسور والفساد بمفهومة الواسع في أداء منظومة العدالة".

أما الإشكالية الثانية التي تواجه المنظومة القضائية، فهي الحاجة لإصلاح السلطة القضائية وإعادة بناءها، مؤكداً على ضرورة أن يتم ذلك من خلال لجنة وطنية تشكل من شخصيات محترمة وموضع ثقة تتولى تقييم ودراسة النقص وإعادة البناء في السلطة القضائية.

وأكد أنه في ظل تغييب المجلس التشريعي، يتحول النظام السياسي الفلسطيني إلى نظام شمولي والحكومة تتحول إلى مشرع بدل سلطة تنفيذية، وأن توجهات بعض القضاة في المحكمة العليا تنبئ بوجود تداخل وتعاون سلبي بين القضاء والحكومة باتجاه تعزيز النظام الشمولي.

المنظومة القضائية مهددة بالشرخ

من جانبه، قال أمين سر نقابة المحامين داوود درعاوي لـوطن إن النظام الذي أصدره مجلس الوزراء بشان الخصومات من رواتب القضاة هو قرار يتعارض مع قرار صادر عن المحكمة العليا بهذا الشأن، وبالتالي امتناع عن تنفيذ قرار قضائي صادر عن المحكمة العليا.

واعتبر أن حصر التعديلات على قانوني السلطة القضائية في جزئيات معينة دون أن يكون هناك رؤيا شمولية ومشاركة واسعة لكافة القطاعات لإصلاح المنظومة القضائية، سوف تشكل هذه التعديلات قفزة في الهواء، في ظل غياب أدوات حقيقية لتنفيذ أي تعديلات.

وأوضح درعاوي أن السلطة التنفيذية تغلغلت في السلطة القضائية، وبالتالي رؤيا النقابة للإصلاح تتمثل في أعداد رؤيا شمولية بحث تعمل النقابة مع مؤسسات المجتمع المدني على بلورتها وتقوم بشكل أساسي على تشكيل لجنة وطنية على أسس الكفاءة بعيداً عن أطراف العدالة تناقش وضع القضاء بشكل شمولي، وتدرس المؤثرات الذاتية والموضوعية التي تؤثر على استقلال القضاء، ثم تصدر توصياتها لتبنيها على المستوى الوطني، بحيث يصبح التعديل وسيلة وليس غاية.

وحذر من حدوث شرخ في القضاء، لأن المستوى القاعدي في النظام القضائي رافض للتعديلات، فيما القيادة ذاهبة نحو التعديل، وهو من الممكن أن تتجه الحكومة للمحكمة العليا لاستصدار قرار قضائي يوقف إضرابات القضاة وأعضاء النيابة.

وكان مجلس وزراء أكد مؤخرا أن الحكومة مستمرة بمناقشة مشروع قانون السلطة القضائية مع مجلس القضاء الأعلى وكافة جهات الاختصاص.

وبحسب بيان صادر عن المجلس "تم الاتفاق بين رؤساء مؤسسات قطاع العدالة بناءً على توجيهات الرئيس، وبرعاية رئيس الوزراء يوم أمس، على أن يكون مشروع قانون السلطة القضائية رقم (15) لسنة 2005 الذي أقره المجلس التشريعي الفلسطيني، كأساس للانطلاق نحو تعديل القانون وإصلاح المنظومة القضائية".

واتصلت وطن بالناطق باسم الحكومة للحصول على تصريح منه بشأن الخصومات على رواتب القضاة والتعديلات على قانون السلطة القضائية، إلا أنه لم يجب على الهاتف.

سلسلة من الاحتجاجات والفعاليات

وأعلنت جمعية نادي القضاة الفلسطينيين ونادي أعضاء النيابة العامة الفلسطيني، عزمها تنظيم وقفة احتجاجية امام مجمع المحاكم في رام الله يوم الأربعاء القادم، رفضا لقرار تعديل قانون السلطة القضائية.

وذكر بيان مشترك لناديي القضاة والنيابة، وصل وطن نسخة منه أن "الحكومة ضربت بعرض الحائط  كل النداءات والبيانات التي دعت الحكومة لاتباع القنوات الدستورية والقانونية، واستمرت في اجراءاتها قدما نحو تعديل هذا القانون من خلال قرار بقانون وبعيدا عن اتباع الاسس المنصوص عليها في القانون الاساسي الفلسطيني".

وشدد البيان أن تعديل القانون يجب ان يمر عبر الوسائل الدستورية التي اقرها القانون الاساسي. رافضا اي محاولة للمساس بهذا القانون الذي هو احد أبواب القانون الأساسي الذي ينظم عمل  السلطة القضائية و علاقتها مع السلطات الاخرى.

وأكد البيان أن فعاليات تصعيدية ستتخذ خلال الايام القليلة القادمة تنطلق بوقفة احتجاجية من امام مجمع المحاكم في رام الله يوم الاربعاء القادم، اضافة إلى تعليق العمل في المحاكم وفقا للجدول التالي:

1- الاربعاء 23/8/2017 وقفة احتجاجية امام مجمع المحاكم في رام الله من الساعة 12 - 12:30 ظهرا.
2- الخميس 7/9/2017 تعليق العمل من الساعة 10 – 11
3- الاثنين 11/9/2017 تعليق العمل من الساعة 10 - 12.
4- الخميس 9/14/2017 يعلق العمل من الساعة 10 - 12.
5-  الثلاثاء 19/9/2017 يعلق العمل من الساعة 9:30 - 11:30
6- الاربعاء 20/9/2017  يعلق العمل من الساعة 12 – 3
7- الاثنين 25/9/2017 يعلق العمل من الساعة 3 -10 مساء
8- الاربعاء 27/9/2017 يعلق العمل من الساعة3 -10 مساء.

وطن للأنباء