بدون مؤاخذة- خمسون عاما وتكتمل الهزيمة

2017-06-01

بدون مؤاخذة- خمسون عاما وتكتمل الهزيمة

جميل السلحوت

في 5 حزيران 2017 تمرّ ذكرى هزيمة حزيران 19677، بنتائجها الكارثيّة التي لا يزال الشّعب الفلسطينيّ خاصّة، والأمّة العربيّة عامّة يعانون من ويلاتها. 

بعد 50  عاما من الاحتلال لا تزال الضّفّة الغربيّة بجوهرتها القدس، قطاع غزّة، مرتفعات الجولان السّوريّة ومزارع شبعا اللبنانيّة، تعاني من احتلال أهلك البشر والشّجر والحجر.

بعد 50 عاما من الهزائم المتلاحقة، لا يزال الاعلام العربيّ الرّسميّ يتحدث عن انتصارات وهميّة، ولم تحصل أيّ محاولات جادّة للخلاص من الهزيمة، بل على العكس يزداد عالمنا العربيّ في الإيغال بوحل الهزيمة. وبدلا من العمل على كنس الاحتلال ومخلّفاته، وتمكين الشّعب الفلسطينيّ من حقه في تقرير مصيره وإقامة دولته المستقلّة بعاصمتها القدس الشّريف، فإنّ العالم العربيّ يقتل بعضه بعضا، ويدمّر أقطاره، ويقتل ويشرّد شعوبه بأيد ومال ودماء عربيّة، بعد هذه السّنين العجاف جرى احتلال وتدمير العراق العظيم، وقتل وتشريد شعبه، والعمل على تقسيمه، ويجري تدمير سوريّا، ليبيا، الصومال، اليمن، وجرى تقسيم السّودان، وإشعال حروب "دينيّة" وطائفيّة في لبنان، الجزائر، العراق، سوريّا، اليمن وغيرها.

بعد 50 عاما تحالف "الاسلام السّياسيّ" مع أعداء الأمّة، تحت شعار"الصّحوة الاسلاميّة" واستُعمل كأداة  لنشر "الفوضى الخلّاقة" لتعريب وأسلمة الصّراع الدّولي في الشّرق الأوسط، خدمة لأجندات أجنبيّة، تسعى لتطبيق المشروع الأمريكيّ" الشّرق الأوسط الجديد" لإعادة تقسيم المنطقة إلى دويلات طائفيّة متناحرة.

بعد 50 عاما من الهزائم المتلاحقة، يترسّخ الاحتلال الاسرائيليّ بشكل غير مسبوق، فتهويد القدس مستمرّ، والاستيطان في الضّفة الغربيّة في سباق مع الزّمن، لفرض وقائع على الأرض تمنع امكانيّة قيام الدّولة الفلسطينيّة المستقلّة، والانقسام الفلسطينيّ لا يزال مستمرّا، و "الإمارة الاسلاميّة" لا تزال تنفرد بقطاع غزّة المحاصر برّا، وبحرا وجوّا، غير آبهة بمعاناة حوالي مليوني فلسطيني يعيشون ضنك الحياة، وبمباركة من القيادة العالميّة لحركة الاخوان المسلمين. 

بعد 50 عاما من الهزائم، جرى فيها تقسيم الحرم الابراهيميّ في الخليل، والتّقسيم الزّمانيّ للمسجد الأقصى تمهيدا لتقسيمه المكانيّ، أو هدمه لبناء الهيكل اليهوديّ على أنقاضه.

بعد 50 عاما من الهزائم جرى ولا يزال يجري استهداف المسيحيّين العرب ودور عبادتهم في العراق، سوريّا، مصر، وغيرها، لتدمير البنى الاجتماعيّة والتّعدّديّة الثّقافيّة في الوطن الذي كان عربيّا.

بعد 50 عاما من الهزائم لا يزال عالمنا العربيّ يوغل في الهزيمة، فالعالم يتطوّر على مختلف الأصعدة، والعربان "يطوّرون" الهزائم، والجهل والخرافة، وتتسابق الأنظمة إلى استرضاء اسرائيل وحليفتها الاستراتيجيّة الكبرى "أمريكا" لتتحوّل اسرائيل من دولة محتلّة للأراضي العربيّة إلى دولة حليفة، ويجري التّحالف الأمنيّ والعسكريّ معها، بحجّة الدّفاع عن أهل السّنّة؛ للوقوف في وجه التّمدّد الشّيعيّ الإيرانيّ في المنطقة!

بعد 50 عاما من الهزائم، سيجري تطبيق لبند واحد من "المبادرة العربيّة"، وهو "إقامةعلاقات طبيعيّة بين الدّول العربيّة والاسلاميّة وبين اسرائيل"، التي تحتفظ بالأراضي العربيّة المحتلّة في حرب حزيران 1967.

بعد 50 عاما من الاحتلال لم يتمّ التطرّق في القمّة العربيّة الاسلاميّة الأمريكيّة في الرّياض لحلّ الدّولتين، وقرارات الشّرعيّة الدّوليّة بخصوص الصراع مع اسرائيل.

بعد 50 عاما من الهزائم ستتحوّل الشّعوب العربيّة إلى "حطّابين وسقّائين" تطبيقا للمشروع الصّهيونيّ. فلا تستبشري يا قدس.