شعلة المهرجان العالمي للشباب والطلبة لا زالت متقدة

2017-03-17

شعلة المهرجان العالمي للشباب والطلبة لا زالت متقدة

* نيكولاس باباديميتريو

رسخ المهرجان العالمي للشباب والطلبة على مدار70 عاما للآن نفسه في وعي الملايين من الناس، ففي عام 1947 خلال الفترة التي كان الناس يحاولون فيها الخروج من الحطام الذي خلفته الفاشية والنازية خلال الحرب العالمية

الثانية، ومن خلال الشعور بضرورة الوحدة الأممية نظم الآلاف من الشباب التقدمي من جميع أنحاء العالم المهرجان العالمي للشباب والطلبة

وللتاريخ، تمت استضافة المهرجان العالمي للشباب والطلبة الأول من قبل تشيكوسلوفاكيا الاشتراكية في المدينة الجميلة براغ عام 1947، وسارع الكثيرون لإدانة المهرجان وهدفه من خلال محاولة ربطه بالكامل مع السياسة

الخارجية للاتحاد السوفييتي، لكن الواقع كان مغايرا، حيث إن المهرجان نفسه والذي تحول لاحقا لحركة نفي هذه المحاولات الخبيثة عن طريق إرسال رسائل قوية للسلام والصداقة والتضامن

ومع ذلك، فإن الحقيقة التي لا يمكن إنكارها أن الاتحاد السوفياتي يبقى في التاريخ باعتباره مؤيدا قويا للمهرجان، حيث إنه في الواقع قام بتقوية ودعم حركة المهرجان من خلال استضافته عدة مرات بنكران للذات وإيثار، فالأفكار

والمثل العليا التي كان المهرجان يروج لها من البداية، كانت متجذرة بعمق في وعي شعوب بلدان الاتحاد السوفييتي.

العودة التاريخية للمهرجان بدأت في فترة انطلاق الحرب الباردة، بعد انتصار الشعوب ضد الفاشية، وأمام التطورات في تلك الفتر باشتداد الحرب الباردة والدعاية الامبريالية، نجحت حركة المهرجان بالتأكيد على الوحدة والصداقة

بين الشباب على الكوكب بأسره، فبالأساس كانت أعمال المهرجان الأول عام 1947 موجهة لتعزيز حركة الشباب العالمية المناهضة للامبريالية، والتي في تشرين الثاني عام  1945 في لندن تم إرساء أسسها من خلال المؤتمر

التأسيسي لاتحاد الشباب الديمقراطي العالمي (وفدي) والذي تبعه تأسيس الاتحاد الدولي للطلبة (IUS) في براغ في آب 1946.

طور اتحاد الشباب الديمقراطي العالمي والاتحاد الدولي للطلبة عملا مشتركا وفي عام 1947 اتخذا القرار التاريخي بتنظيم المهرجان العالمي للشباب والطلبة، وكان النضال المشترك لهاتين المنظمتين ضد الفاشية والامبريالية

والاستعمار محفزا للتعاون بينهما، هذا التعاون الذي أوجد المهرجان العالمي للشباب والطلبة، وبالتالي اتخذت المنظمتان العالميتان أدوارهما الحاسمة في تنسيق العملية التحضيرية للمهرجان بالإضافة إلى مهام التنظيم الأساسية لكل

مهرجان، وأسس الاتحاد العالمي للشباب والطلبة والذي بقي نشطا حتى يومنا هذا بتراثه التاريخي نفسه ليكون الدعامة الرئيسية لحركة المهرجان

بقي المهرجان العالمي للشباب والطلبة عبر التاريخ منذ عام 1947 وما بعده وطور ونمى وقوى وعزز مع "وفدي" أصوات الشعوب المضطهدة والمظلومة التي قويت أيضا مع الشعوب التي تكافح ضد الاستعمار من أجل الاستقلال،

مع الشباب الذي يناضل من أجل حق العمل بحقوق وحق التعليم والترفيه والرياضة، وتباعا في كل المهرجانات اللاحقة شارك الآلاف من الشباب القابع تحت حكم الاستعمار الذين اغتنموا الفرصة لتلقي الدعم العالمي والتضامن مع

نضالهم من أجل التحرر الوطني، وأسس آلاف الشباب من آسيا وأوروبا وأميركا اللاتينية والشرق الأوسط وإفريقيا النضال ضد الامبريالية والتضامن الأممي والصداقة بين الشعوب كخصائص ومثل لحركة المهرجان

تبع المهرجان في براغ، المهرجان الذي عقد في بودابست عام 1949، ثم في برلين عام 1951 و1973، وبوخارست عام 1953، ووارسو عام 1955، وموسكو عام 1957، وفيينا عام 1959 وهيلسنكي عام 1962 وصوفيا عام

1968 وهافانا عام 1978 وموسكو عام 1985، وبيونغ يانغ عام 1989.

ومع تفكك الاتحاد السوفييتي عام 1991، سارع العديد إلى الحكم المسبق على نتائج حركة المهرجان، وفي إطار الجهود الرامية إلى دفن نضال الشعوب والإطاحة باستمرار أفكار ومثل محددة هرعوا إلى دفن كل من المهرجان

واتحاد الشباب الديمقراطي العالمي

مع ذلك لم يقل اتحاد الشباب الديمقراطي العالمي كلمته الأخيرة بعد، وبقي صامدا رغم الصعوبات التي وجدت في فترة التسعينات، واستطاع التغلب على النقاش المكثف حول توجهاته التي يجب اتباعها، وواجه الاتحاد، المنظم

الرئيسي لحركة المهرجان، في التسعينات من القرن الماضي طريقا مليئا بالصعوبات والعقبات، فالتطورات العالمية في تلك الفترة واستعادة الهيمنة الرأسمالية والانتقام الأيديولوجي للمدافعين عنها قد خلقت ارتباكا حتى في أوساط

وفدي حيث تم حل العديد من المنظمات المنضوية تحته

على الرغم من الظروف الصعبة التي كان على "وفدي" مواجهتها، فمع اصرار العديد من المنظمات الأعضاء التي أعلنت الاتساق في دورها كأعضاء في الاتحاد اضافة إلى اللحظات المهمة في اجتماعات الهيئة العامة لـ"وفدي"

الرابع عشر والخامس عشر في لشبونة (شباط 1995) وفي لارنكا (شباط 1999) على التوالي، أرسل وفدي رسالة قوية أن كفاحيّة الشباب في العالم ونضاله لم تتفكك أو تنطفئ، حيث رفع الشباب التقدمي في العالم مسؤولياتهم

وتعهدوا بمواصلة النضال الذي قدمته الأجيال السابقة في "وفدي" ضد العدوان الامبريالي البربري

ساهم الحفاظ على بقاء "وفدي" واستمرار عمله في تصعيد وحدة الشباب والشعوب التي تناضل ضد الامبريالية، وخلق هذا التصعيد الحاجة إلى تنفيذ المهرجان العالمي للشباب والطلبة الرابع عشر، وفي عام 1997 تم عقد المهرجان

الرابع عشر الذي أتى على عكس ما اقتنع به العديد من أن شعلة المهرجان قد ولت وأن تنظيم المهرجان بات مستحيلا مع غياب الاتحاد السوفييتي، فقد تم احياء مؤسسة المهرجان بعد انقطاع مؤقت منذ 1989 بالمساهمة الحاسمة

للشعب الكوبي وزعيم الثورة الراحل فيدل كاسترو روث، وبفضل الروح النضالية للشعب الكوبي والمساهمة الشخصية لفيدل كاسترو نفذ المهرجان الرابع عشر بنجاح في "جزيرة الثورة" عام 1997 بعد انقطاع دام 8 سنوات، ومع

وجود وفدي مرة أخرى في الصدارة بدأت اجراءات تنظيم المهرجان الرابع عشر

يبقى المهرجان العالمي للشباب والطلبة الرابع عشر باعتباره من الأهم في التاريخ، فقد أرسل الشباب في العالم رسالة قوية مناهضة للإمبريالية من دولة لا تزال حتى يومنا هذا تواجه العدوان الإمبريالي، فشكل المهرجان عام 97

حقيقة عنت استمرار سلسلة المهرجان، وأعقب المهرجان في كوبا مهرجان الجزائر عام 2001، ثم مهرجان فنزويلا هوغو شافيز عام 2005، ثم مهرجان جنوب افريقيا نيلسون مانديلا عام 2010، ثم الإكوادور عام 2013

على مر الزمن، خصوصا بعد 1990 حاول العديد نسخ المهرجان العالمي للشباب والطلبة لكن نتيجة جهودهم لم تنجح ولم يكن لها أي صلة بالمهرجان، ومع ذلك لم تتوقف الدوائر الحاكمة عند محاولات النسخ بعد رؤية احياء

المهرجان، بل حتى حاولوا تنظيم فعاليات مناهضة للمهرجان في كل من 1997 و2001، وعلى الرغم من جهودهم لتقويض المهرجان بقي المهرجان العالمي للشباب والطلبة سليما وحيا متجاوزا الهجوم المنسق من الإمبرياليين،

وأثبت أنه حتى مع المبالغ الطائلة من الأموال ومع دعم ومساعدة وسائل الإعلام السائدة لم يتمكنوا من الإضرار بالمهرجان

وهكذا فإن التاريخ نفسه هو شهادة أن "وفدي" خلال مساره كان باستمرار إلى جانب الشعوب خاصة الشباب الذين يحاربون من أجل حقوقهم وضد الاستعمار والإمبريالية وضد النهب واستعباد الناس، وفي جذر ومسار وفدي كان

المهرجان العالمي للشباب والطلبة مشمولا حيث يظهر تاريخه أنه مع بقاء الأفكار والمثل العليا حية سيبقى المهرجان مستمرا مع الشباب التقدمي والمناضل في العالم، ويعلمنا تاريخ المهرجان أن البنية التحتية والمبالغ الطائلة وحدها

لن تصل إلى مستوى التوقعات ولن تلمس نجاح المهرجان، ولكن المثل العليا للسلام والصداقة بين الشعوب والتضامن الأممي جنبا إلى جنب مع التعطش لمناهضة الامبريالية هي التي تميز المهرجان وتكون حجر الزاوية لنجاحه كل

مرة

ومع بقاء الشعلة متقدة يشكل العام 2017 نجاحا آخر للمهرجان العالمي للشباب والطلبة، واتحاد الشباب الديمقراطي العالمي مرة أخرى هو المنظمة الدولية الوحيدة التي تقود العملية التحضيرية للمهرجان التاسع عشر والذي سيعقد

في شهر تشرين الأول المقبل في مدينة سوتشي في روسيا، وفي نفس وقت المهرجان التاسع عشر سنشهد مرور 100 عام على تحقق ثورة أكتوبر الاشتراكية العظيمة، هذه الذكرى التي ستكون واحدة من موضوعات المهرجان

التاسع عشر الرئيسية نظرا لاعتبارها حدثا تاريخيا هاما لطابعها وانجازاتها وأهميتها في تطوير الحركة المناهضة للفاشية والاستعمار والامبريالية

سيخصص المهرجان التاسع عشر لكل من تشي غيفارا ومحمد عبد العزيز والتي ارتبطت أسماؤهما مع النضال ضد الإمبريالية والاستعمار، حيث إن تشي هو رمز حديث للنضال ونجد وجهه على الأعلام والملصقات في مسيرات

ومظاهرات الشباب والطلاب والعمال، وستبقى أفعاله لصيقة بالمهرجان العالمي للشباب والطلبة حيث إنه باعتقاده أن الظلم وعدم العدالة لا يوجد لهما حدود ناضل ضد الإمبريالية من أجل عالم يسوده السلام والتضامن

سيضيف المهرجان العالمي للشباب والطلبة صفحة أخرى مجيدة في تاريخ حركة المهرجان تحت عنوان "من أجل السلام والتضامن والعدالة الاجتماعية نناضل ضد الإمبريالية – من خلال تكريم الماضي نبني المستقبل"، التقدم

والاستمرار من خلال حمل المثل العليا للمهرجان العالمي للشباب والطلبة، سيقدم الشباب في العالم جنبا إلى جنب مع اتحاد الشباب الديمقراطي العالمي (وفدي) ومن خلال المهرجان التاسع عشر أيديهم ليصبحوا "بناة" لعالم يسوده

السلام والتضامن، عالم خال من الامبريالية، خال من هذا النظام العالمي من هيمنة رأس المال والاحتكارات الذي حتى لو بدا قويا فهو ليس منيعا

* رئيس اتحاد الشباب الديمقراطي العالمي