ميونيخ وكابول.. ازدواجية المعايير

2016-07-26

ميونيخ وكابول.. ازدواجية المعايير

الاتحاد الحيفاوية

ما ان بدأ المجرم بإطلاق النار في مدينة ميونيخ الألمانية، وقبل معرفة شخصيته ودوافعه وخلفيته، حتى احتشدت المعلومات على الشات التلفزيونية والمحوسبة على اختلافها. منسوب القلق ارتفع ودرجة الاهتمام فاقت المعتاد من الأيام. الأمر نفسه حدث حين وقع الهجوم الارهابي بشاحنة ضد مدنيين في مدينة نيس الفرنسية. وبالطبع، فهذا الاهتمام والقلق والخشية طبيعي ومطلوب وضروري. لأنه من المحظور سياسيًا وأخلاقيًا تجاهل أي مساس بحياة الناس.

بالمقابل، يختلف الأمر حين يكون الضحايا من الطرف الثاني للخارطة، من سوريا والعراق وافغانستان واليمن مثلا. هنا تكاد التغطية في وسائل الاعلام الغربية الطاغية لا تُحسّ. والقلق والاهتمام يظلان أدنى من معدلهما العام. ولا تحتل هكذا أخبار صدارة تحظى باستمرارية ومتابعة جديّتين (قد يُذكر الخبر في المقدمة مرة، ولكن الى أية درجة يعالَج فعلا؟ هذا هو السؤال) .

هذا الفرق، بل ازدواج المعايير، ظهر جليًا مرة أخرى بعد الهجوم الارهابي الوحشي الذي قام بع مجرمو داعش في العاصمة الأفغانية كابول، حيث قتلوا هناك 80 مواطنا وجرحوا اكثر من 230 آخرين. مع أنه يجب هنا أيضًا - في حالة ابناء وبنات الشرق - الإبقاء على درجة مماثلة من الاهتمام والقلق والخشية، لأنه الأمر الطبيعي والمطلوب والضروري؛ لأنه من المحظور تجاهل المساس بحياة الناس!

لا ينحصر الأمر في القصور الأخلاقي الذي يميّز الاعلام الغربي الطاغي - بما يمثله - بين دم ود؛ ولا في التردّي المهني حيث يفترض التعاطي مع الاحداث دون انحياز قد يتّسم بالاستعلاء العنصري؛ بل إنه فشل ذريع في مواجهة ما تتعرض له المواقع الغربية نفسها من هجمات ارهابية.. فكما أكدنا هنا مرارًا: طالما لم يقم أصحاب السلطة والقوة والتأثير في الغرب بمواجهة الارهاب التكفيري وهو يطال شعوب منطقتنا هنا، فيجب أن يفهموا جيدًا أنهم بهذا السلوك يعرّضون مدنهم وشعوبهم الى الخطر نفسه. التساهل في الشرق لا يحمي الغرب، بل على العكس تمامًا، إنه يدخله الى دائرة النار.

لن تنجو عواصم الغرب من الارهاب الا اذا قام حكّامها بوقف الانهيار الذي يزلزل بالشرق، بمسؤوليتهم الى درجة كبيرة!