المؤتمر الخامس لحزب الشعب الفلسطيني: نحو تعميق الوحدة الفكرية والسياسية والتنظيمية لحزبنا من أجل التحرر الوطني والاجتماعي

2016-02-06

المؤتمر الخامس لحزب الشعب الفلسطيني

  نحو تعميق الوحدة  الفكرية والسياسية والتنظيمية لحزبنا

حزب الشيوعيين الفلسطينيين

من أجل التحرر الوطني والاجتماعي

الرفيقات والرفاق الاعزاء

بات من الضروري أن نتوجه بهمة اكبر نحو تعميق هوية الحزب الفكرية دون تردد او تباطؤ، فالتجربة التي عاشها حزبنا منذ التغيير الذي احدثه عام 1991 وحتى الآن لم تسعفنا في تحقيق الهدف الذي توخيناه بل ساهمت الى جانب تأثير العوامل الموضوعية في اضعاف الوحدة الفكرية والتنظيمية للحزب، والى ضعف ملموس ايضا في اولويات العمل الجماهيري وأطره المختلفة.

ويزيد من هذه الضرورة واقع التطورات الكبيرة على المستويين الدولي والاقليمي، والاستفادة مما رافقها من تجارب سواء على صعيد اليسار بتياراته المتنوعة ودوره في مواجهة الازمات التي خلقتها اللبرالية الجديدة وهيمنة سياساتها على الاقتصاد الدولي، وما ترتب عليها من ضرب للمنجزات الاجتماعية والاقتصادية للغالبية الساحقة من شعوب العالم بما في ذلك الدول الرأسمالية  المتقدمة ذاتها، او كذلك مما ولدته تجارب  الحكم في البلدان العربية التي قامت في معظمها على الدمج بين الاستبداد السياسي وبين الاستئثار الاقتصادي للنخب الحاكمة وشركائها المحدودين من القطاع الخاص، وفي ظل هيمنة وتفشي سياسات اللبرالية الجديدة واقتصاد السوق، او في ظل عقم المشروعات البديلة التي عرضتها تيارات الاسلام السياسي، وما احدثته من ارتباك وتفتيت للمجتمعات والدول، والى زيادة مظاهر التخلف الفكري والمجتمعي في التعامل مع تحديات الواقع وافاق المستقبل، بالاضافة الى زيادة التطرف والتعصب ورفض الآخر، وغير ذلك من اعاقة فرص التطور الديموقراطي المنشود الذي حكم تطلعات الجماهير العربية وحركاتها الاحتجاجية بوجه خاص.

كما ان هذه التطورات تأتي في ظل تزايد المخاطر على القضية الوطنية الفلسطينية، وفي ظل تمادي الاحتلال في سياساته وممارساته الاستعمارية الاستيطانية، وإصراره على تكريس الاحتلال، ورفض اقامة الدولة الفلسطينية المستقلة، وتكريس الفصل بين الضفة الغربية وقطاع غزة، واستمرار السعي لتدمير الحقوق الوطنية الفلسطينية، واجهاض وحدة الشعب الفلسطيني، وانكار حقوقه المشروعة وفي مقدمتها حقه في تقرير المصير.

غير ان مواجهة التحديات الوطنية الكبرى التي يفرضها الاحتلال، تصطدم ايضا بالواقع الداخلي والذاتي الفلسطيني الذي تتجلى مظاهره في الانقسام وتبعاته السلبية التي قادت الى تعطل النظام السياسي الديموقراطي، ونشوء سلطتي حكم متباعدتين في الضفة والقطاع، وغياب السلطة الرقابية والتشريعية، والانتهاك الواسع للحريات والحقوق وللقوانين الخاصة التي تكفل ذلك، والسعي لتغيير القوانين او تكييفها بما يلائم تحكم اجهزة الامن والمؤسسات البيروقراطية في مجمل تفاصيل الحياة اليومية للمواطن الفلسطيني، الاقتصادية والاجتماعية والخاصة. هذا بالاضافة الى تراجع منظومة العدالة الاجتماعية وتنامي مؤشرات الفقر والفقر المدقع والبطالة والاستغلال الفاحش، والاحتكار في بعض جوانب الخدمات الضرورية، وتزايد التفاوت والهوة الطبقية والاجتماعية في فلسطين، وذلك في ظل تراجع قطاعات الزراعة والصناعة بوجه خاص، وفي ظل زيادة الضرائب والرسوم بمسمياتها المختلفة، وفي ظل ازدياد التراجع في خدمات الصحة والتعليم، فضلا عن الخدمات الاجتماعية الاخرى.

ولا شك ان قدرة حزبنا على التصدي لمهامه الوطنية والاجتماعية – الديموقراطية ، باتت تتطلب تحت ضغط هذه العوامل والمتغيرات أهمية تعزيز وحدة الارادة والعمل في الحزب، وإعادة الاعتبار الى هذه الارادة،  استنادا الى تعميق الوحدة  الفكرية والسياسية والتنظيمية باعتبارها كلا متكاملا، وذلك انطلاقا من تعميق هوية الحزب وطابعه ورؤيته الفكرية والاجتماعية من جهة، وتعزيز بنيته التنظيمية، وتماسكه على قاعدة العضوية الفاعلة والنشطة والمنضبطة  من الجهة الاخرى .

ان التصدي للمخاطر المحدقة بالقضية الوطنية، والعمل وفق استراتيجية الحزب السياسية المقترحة لذلك، تبقى هي حجر الاساس في نشاط الحزب الوطني، وهي الاستراتيجية المطروحة من اجل النقاش والتعميق في مؤتمر حزبنا، إلا ان نجاح هذه الاستراتيجية وزيادة اسهامات حزبنا في تحقيقها تتطلب بدون تردد تحسين قدرات الحزب التنظيمية والجماهيرية .

ان نقطة الارتكاز في هذه العملية تقوم على الربط العميق بين المهام  الوطنية والاجتماعية من جهة، وعلى  تعميق طابع ومضمون الحزب وهويته  المتميزة الفكرية والاجتماعية والطبقية، بوصفه حزبا شيوعيا من الجهة الاخرى.

ان حاجتنا لهذه العملية اليوم  هي اكثر من اي وقت مضى،  وهي عملية تتطلب التحلي بالشجاعة والمسؤولية والمبدئية ايضا في تعزيز هوية الحزب الفكرية والايديولجية، بما يمكننا من تعزيز وحدته  السياسية والتنظيمية انطلاقا من ذلك. وعليه تصبح القضية المركزية أمام حزبنا ونحن نجرى التحضيرات لعقد مؤتمره الخامس، هي إعادة بناء حزبنا بغض النظر عن اسمه، كحزب شيوعي، ذي مضمون طبقي وفكري واضح، وبالانطلاق من جوهرالماركسية القائم على  المنهج المادي الجدلي، وعلى رفض الاستغلال الطبقي والقومي، وعلى الربط الواضح بين الوطني والطبقي- الاجتماعي، وعلى أساس دورالحزب الجوهري بوصفه حزبا يسعى للتغيير، والى الدفاع عن الحقوق الوطنية، وعن مصالح الطبقات الشعبية، وفي مقدمتها الطبقة العاملة والعاملون والفلاحون وجموع الكادحين، يعتمد على الشباب دون أي تمييز بين الرجال والنساء في تعزيز صفوفه، وفي تطويردوره في المجتمع، وفي الدفاع عن قيم ومباديء الاشتراكية التي تقوم على رفض الرأسمالية، والسعي من اجل بناء الاشتراكية، بالاستفادة من تجربتها التاريخية، وبما يتوافق مع تطور المجتمعات المعاصره، وبما يستند ايضا الى خصوصية تطبيقها في الواقع الفلسطيني.

ان متطلبات هذه العملية تعني:

1- اعادة بناء الحزب استنادًا الى جوهر تجربته والتجربة العالمية الخاصة بقوى اليسار، والتي تتضمن بالدرجة الاساسية  الانطلاق من أن هذه العملية ليست تكرارًا جامدًا لشكل الحزب الشيوعي كما كان قائمًا، وانما بالاعتماد على افضل عناصر قوة وتجربة هذا الحزب، ومكوناتها من جهة، وبين اعادة بنائه كحزب عصري يتبنى  ويعتمد المنهج المادي الجدلي – الديالكتيكي، بما يعنيه  ذلك من التعامل مع النظرية الماركسية  ليس كعقيدة جامدة بل كنظرية حية قابلة للتطوير والعصرنة وكاداة لتحليل خصوصية واقعنا الفلسطيني ، وفي الوقت نفسه السعي لتغييره من جهة ثانية، وبالتالي التعامل مع خلاصة  المساهمات الفكرية المتنوعة والابداعية للفكر الاشتراكي والماركسي في العصر الراهن، وتقييماتها لواقع التناقضات التي بلغتها الراسمالية وزيادة توحشها  من جهة، ولمضمون  التجربة الاشتراكية بما شملته من نجاحات واخفاقات على الصعيدين النظري والعملي من جهة ثانية.

2- ان حزبنا وهو يقدم على هذه العملية يدرك واقع البيئة التي تجري فيها هذه العملية في ظل تنامي المخاطر على القضية الفلسطينية، ولكن في الوقت ذاته في ظل زيادة التعاطف الدولي مع شعبنا الفلسطيني وحقوقه، وفي ظل اعتراف الامم المتحدة بالدولة الفلسطينية، ولذلك فان مضمون الدورالوطني والاجتماعي لحزبنا ينطلق من الربط الواضح بين تعميق الوطنية الفلسطينية كهوية جامعة للشعب الفلسطيني، ووحدة حقوقه الوطنية في تقرير المصير والدولة والعودة، وبين تعزيز صموده على ارضه، وتعزيز كفاحه الوطني في مواجهة الاحتلال، ومن اجل تحقيق أهداف شعبنا في اقامة الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس، وحل قضية اللاجئين طبقًا لقرار 194، وتعزيز الترابط بين ابنائه ومكوناته في الوطن والشتات بوصفه شعبا واحدًا، وبالتمسك بوحدة تمثيله التي تشكلها منظمة التحريرالفلسطينية، مع السعي المثابر والجاد لتفعيلها وتطويرها، والحفاظ على مضمونها كممثل للوطنية الفلسطينية، وكصيغة جبهوية تقوم على التعددية، وبما يضمن الالتزام بتحقيق اهدافها في التحرر واقامة الدولة الفلسطينية، وفقا لما نص عليه اعلان استقلالها وما تضمنه من رؤية وطنية واجتماعية وديموقراطية عصرية للدولة الفلسطينية المنشودة .

ان ذلك يحسن قدرة حزبنا على الدفاع  عن مضمون وطابع الدولة الفلسطينية المنشودة، باعلاء طابعها كدولة علمانية تقوم على المواطنة دون تمييز على اساس الجنس او الدين او المعتقد، وكدولة ضامنة للعدالة الاجتماعية في مواجهة  تكريسها كدولة الاقتصاد الحر أو اقتصاد السوق الحر، والحفاظ ايضا على طابعها الديموقراطي، بما يضمن الفصل الواضح للسلطات وتداول السلطة، وتكافؤ الفرص، والغاء طابعها كدولة الحزب الواحد او الحزب الحاكم ،وبما يضمن ايضا طابعها التعددي والمتنوع .

كما ان ذلك يعني الدمج بصورة صحيحية بين النضال من اجل تكريس مضمون هذه الدولة بصيغة  دستورية ، وبين السياسات والاجراءات العملية التي ينبغي على السلطة التنفيذية اعتمادها، وهو نضال يتطلب اوسع جبهة ديموقراطية تقدمية تنخرط فيها القوى والاطر والمنظمات الجماهيرية والنقابية بما يضمن تنسيق جهودها، وحملاتها المتنوعة في هذا المجال.

3- الاستناد الى التحليل الطبقي للواقع الاجتماعي والسياسي للمجتمع الفلسطيني، ومصالح قواه ومكوناته الاجتماعية والسياسية الفاعلة، بالارتباط مع واقع التجمعات الفلسطينية في الشتات، و ضرورة تطوير الربط الواضح بين المصالح الوطنية للشعب الفلسطيني وبين المصالح الطبقية والاجتماعية للطبقة العاملة وجماهير الكادحين والعاملين  الفلسطينيين بما في ذلك الفئات الوسطى، والنضال من اجل التحويلات المطلوبة في المجتمع وفي السياسات والقوانين واولويات الموازنة الفلسطينية، وفي الاطر الاجتماعية والنقابية المعبرة عن مصالح هذه القوى وحقوقها الاجتماعية والديموقراطية-

4- مجابهة التحديات التي تطلقها افكار وممارسات تيارات الاسلام السياسي تجاه قضايا المجتمع والحريات والحقوق، والمساواة والمواطنة التي تنطلق من الدعوة لما يسمى (أسلمة المجتمع) كاستراتيجية للاخوان المسلمين وشعارهم (الاسلام هو الحل) ومقابلة ذلك بالتركيز على المواطنة والمساواة، بغض النظر عن الدين او الجنس او المعتقد كمكون الزامي لحماية المجتمع وتطويره او استراتيجية الحركات الاخرى التي تقوم على دولة الخلافة او الدولة الاسلامية، وما يحمله كل  ذلك من نزعات التطرف والتعصب على اساس  ديني وطائفي، بالاضافة الى تبرير قمع الحريات والتعدي على الحقوق الشخصية، والتمييزعلى اساس الجنس والعرق والمعتقد، وتفشي هذه المفاهيم وغيرها من العادات والتقاليد البالية في نظم ومناهج التعليم، وما يولده ذلك من مفاهيم وممارسات تكرس رفض التعددية والديموقراطية، وترسخ التمييز والتفرقة وتحصن المفاهيم التقليدية والمحافظة المتخلفة في مواجهة التفكيرالعلمي والحداثة واحترام المواطنة والديموقراطية، وضرورة مقابلة ذلك بالتمسك بالدولة المدنية العلمانية ، دولة الحداثة والعدالة الاجتماعية. 

5- الاستفادة مما وفرته التجربة الانسانية من انحيازات ونجاحات ومواثيق وعهود دولية لصالح القضايا الخاصة بالديموقراطية وحقوق الانسان، وبالضمانات الاجتماعية ،وبحقوق المرأة، وبالحقوق الخاصة بالشباب، وقضايا البيئة، والسلام، وغير ذلك من القضايا ذات الابعاد التقدمية والانسانية، وباعتبار ان انحياز الحزب لصالح هذه القضايا وتعميقها هو انحياز طبيعي وصريح، ولكن من منطلق السعي ايضا لتعميق مضمون هذه القضايا  الفكرية والطبقية، من خلال جبهة واسعة لللقوى التقدمية واليسارية والشيوعية على الصعيدين الاقليمي والدولي.

ان حزبنا وهو يقدم على هذه العملية فانه لا ينتقص بذلك من رؤيته  لطابع المرحلة التي يعيشها شعبنا الفلسطيني، بوصفها مرحلة التحرر الوطني، ولكن من الادراك ايضا ان المساهمة الخاصة لحزبنا في التعاطي مع هذه المرحلة، ومواجهة تحدياتها، تنطلق من واقع تعميق المضمون الاجتماعي والديموقراطي للفكر اليساري التقدمي في فلسطين، ومن واقع تجربة حزبنا الشيوعي التاريخية في ذلك وهي التجربة التي تشكل إرثاً كفاحياً مثيراً للاعتزاز في الربط  الصحيح بين الوطني والاجتماعي الديموقراطي في النضال من اجل التحرر والاستقلال,

الرفيقات والرفاق الاعزاء

ان هذه العملية المطلوبة لابد لها ان تنطلق  ايضا من واقع الحزب الراهن، ومن نقاط قوته وضعفه على السواء ،بما يعززمن دوره ومكانته على الصعيدين الوطني والاجتماعي، بما في ذلك الاعتراف من موقع النقد والنقد الذاتي بأن ضعف الهوية النظرية والفكرية  للحزب من جهة، وتراجع العمل الجماهيري والتنظيمي من الجهة الاخرى، اضعفت من دور وتأثير الحزب على الساحة السياسية، ولهذا:-

1- فقد أظهرت معظم النقاشات سواء في الهيئات او على مستوى المواقع، على ان الحزب اظهر تميزاَ! في دوره ونشاطه السياسي، سواء من حيث مواقفه  التي واكب بها الوضع السياسي، او من حيث رؤيته الاشمل واستراتيجيته  التي طرحها لمواجهة التحديات الوطنية والاجتماعية القائمة .

ومن ابرز الامثلة على ذلك  تقديم قضية اعلان الدولة والاعتراف بها على قضية المراوحة في اطار اوسلو والمفاوضات على القضايا التي تضمنها، والاستراتيجية التي طرحها للتعامل مع ما بعد الاعتراف بدولة فلسطين تحت عنوان (الاستقلال الان).

وقد استند جوهر هذه الاستراتيجية على  ضرورة الربط الناجح بين الارادة الكفاحية الوطنية وبين الارادة الدولية لانهاء الاحتلال ، وكذلك على ضرورة السعي من اجل  استثمار طاقات الشعب الفلسطيني وقدراته في الوطن والشتات  في تأمين هذه العملية.

وينظر حزبنا بشكل خاص الى اهمية الدور الذي يضطلع به ابناء شعبنا داخل اسرائيل، سواء لجهة نضالهم من اجل حقوقهم القومية والمدنية او دورهم في مساندة ودعم النضال من اجل انهاء الاحتلال، او سعيهم المتواصل من اجل كسب اوساط وقوى سلام حقيقية ترفض الاحتلال، وتدعم حقوق شعبنا بما يقود الى سلام حقيقي ودائم.

كما ان استراتيجية الحزب على الصعيد الداخلي تقوم على تعزيز صمود شعبنا وضمان حقوقه الاجتماعية والديموقراطية، فضلا عن انهاء الانقسام بين صفوفه، بوصف ذلك ضمانة اكيدة لقدرته على تحقيق وضمان الحقوق الوطنية والسياسية.

وقد لخص الحزب استراتيجينته هذه في شعارات محددة، من ابرزها دعوته لبناء جبهة موحدة للمقاومة الشعبية، وان الحقوق الاجتماعية والديموقراطية ضمان للحقوق الوطنية، وفي دعوته لتشكيل المجلس التأسيسي للدولة، وغير ذلك من القضايا.

2- ان معظم النقاشات كشفت ايضا ضعفا متفاوتا في حضور الحزب على المستوى الجماهيري رغم بروز العديد من رفاقه كقادة في ميدان المقاومة الشعبية، وفي انشطة وحملات المقاطعة، ورغم مساهماته في النضالات النقابية والجماهيرية فان ذلك ظل موضع نقد وعدم رضى، وظلت مساعي الحزب لتوسيع المشاركية الرفاقية من مجموع عضوية الحزب دون المستوى المطلوب في الاتخراط  في الفعاليات والانشطة الوطنية والاجتماعية، رغم التفاوت من موقع لاخر.

وقد اظهر هذا ضعفا في الواقع التنظيمي للحزب، سواء من حيث العضوية او من حيث انتظام الهيئات الحزبية، وكذلك من ضعف  التنوع في القاعدة التنظيمية للحزب، بالاضافة الى ضعف خطط العمل والمحاسبة على اساسها، فضلا عن زيادة الاعتبارات الذاتية والمحلية على اعتبارات العمل الحزبي العام..

اما الصورة الاكبر فتشهد على ضعف الجهد الفكري والثقافي المنظم للحزب، سواء على المستوى الفردي او الجماعي، مما اضعف طابع العضوية الحزبية على اساس فكري وسياسي وتنظيمي .

ان اعادة بناء الحزب كحزب شيوعي، تنطلق من حقيقة انه لا حركة ثورية بدون نظرية ثورية، وكذلك من مضمون تحقيق وحدة فكرية وسياسية وتنظيمية راسخة في الحزب، تطغى على اية انماط اخرى للعلاقات الحزبية الداخلية او لعلاقات الحزب على صعيد القوى الاجتماعية والسياسية، وتؤدي بصورة ملموسة الى تعزيز ارادة العمل المشترك ووحدة التنظيم الحزبي، وفعاليته في قيادة حركة الحزب وزيادة تأثيره في المجتمع، وكذلك تعزيز الالية الديموقراطية في التعاطي مع التباينات أوالاختلافات في وجهات التظر التي تظهر لدى اعضاء الحزب في هيئاته المحلية او المركزية.

ولا شك ان جوهر عملية التغيير التنظيمي يتطلب وضع اولويات مباشرة امام الحزب في اعادة بناء منظماته الجماهيرية، وعدم قصر نشاطه الجماهيري على العمل الاهلي.

ان العمل الاهلي الذي غلب عليه طابع الخدمات الاغاثية اضعف التركيز على البعد الحقوقي والمطلبي للجماهير الشعبية الكادحة، كما انه اغفل اهمية العمل التنظيمي الجماهيري، واستبدل تنظيم الجماهير ومشاركتها بتحويلها الى جمهور منتفع من الخدمات، وهذه الملاحظات الى جانب ملاحظات اخرى تحتاج الى تغيير وتطوير للمنظمات الاهلية المرتبطة بحزبنا.

 ان الاستخلاص المركزي لحزبنا يقوم على عدم حصر النشاط الجماهيري للحزب في هذه الاطر والمؤسسات، بل في السعي من اجل اعادة بناء الحركة الجماهيرية، وتنظيمها  بوصفها الحلقة المركزية للعمل الوطني الجماهيري والشعبي ، وضمان اسنادها من خلال منظمات العمل الاهلي وليس العكس.

ان تحقيق هذا التوجه يكتسب اهمية مكملة لعملية اعادة بناء الحزب وهو احد أبرز علامات نجاحه، وبما يمكنه من كسب روافع اجتماعية وتنظيمية لمتابعة القضايا ذات الاولوية على الصعيدين الوطني والاجتماعي ، في تعزيز المقاومة الشعبية والمقاطعة من جهة، وكذلك في السعي من اجل اصلاح نظام التعليم ـ وقوانين الضمان الاجتماعي وغيره من جهة اخرى.

ان اولويات بناء هذه الاطر الجماهيرية والشعبية، تتركز بصورة ملموسة في حشد الطاقات ووضع الخطط  من أجل:-

  1. بناء حركة نقابية مستقلة مرتبطة بالحزب على صعيد الحركة العمالية والعاملين، وتطوير الاطر الخاصة بالعمل في اوساط المهنيين.
  2. اعادة بناء  الحركة الطلابية المرتبطة بالحزب من خلال كتلة اتحاد الطلبة في المدارس والجامعات ، وانشاء صيغة او اطار للخريجين من رفاق الكتلة ، فتلك هي المهمة المركزية لشيبة الحزب.
  3. تعزيز وتطوير الحركة التعاونية وتنظيم المزارعين  والفلاحين.
  4. تطوير اطر ومنظمات المرأة المرتبطة بالحزب، وتعزيزها في مجالات العمل النقابي والتربوي والثقافي، بالاضافة الى القضايا الحقوقية الخاصة بالمرأة.
  5. اعادة التركيز وحشد الامكانيات لتطوير الاطر والمبادرات في مجالات الثقافة والفن والتراث، واعادة الاعتبار لدور الحزب المتميز في هذا المجال.
  6. احداث تغييرات وتطوير على الشكل التنظيمي  والادارة التنظيمية والقيادية للحزب، بما في ذلك مضمون وطابع العضوية الحزبية، ودرجة وأشكال التواصل وتعزيز دور الهيئات والمؤسسات والمنظمات الحزبية،وبما يضمن اعادة بناء المنظمات الحزبية على اساس الاضطلاع بهذه المهام التنظيمية للجماهير والرفاق واستثمارها في تحقيق المهام الوطنية والاجتماعية للحزب،وكذلك بما يطور القيادة والادارة التنظيمية المركزية للحزب وقدرته على الاضطلاع بالمهام المركزية والمحلية بكفاءة واقتدار ،وبما يعمق العمل القيادي الجماعي للرفاق وللهيئات الحزبية.

االرفاق والرفيقات الاعزاء:

ان مجمل هذه القضايا وغيرها، واستخلاص العبر من تجربة الحزب في التعاطي معها ومع القضايا التي تصادفه، والسعي لحلها ومعالجتها بوسائل ديموقراطية تعزز دور الهيئات والمؤسسات وترسخ وحدة الحزب على اساس ذلك ، تؤكد الاهمية الخاصة للمؤتمر الخامس للحزب، وتجعل من الوضوح في تحقيق مخرجات هذا المؤتمر ضرورة بالغة، مما يوقع عبئا خاصا على كل عضو من اعضاء الحزب والمؤتمر.

وبسبب حساسية العملية المطلوبة وضمان تعميق مضمونها، فان ادارة هذه العملية تكتسب ايضا اهمية استثنائية، وهي تعتمد في الواقع على ثلاث مراحل تتلخص بالتالي:

  1. اطلاق هذه العملية وتوسيع النقاش حولها في هيئات الحزب ومنظماته المختلفة ،بما في ذلك اشراك كوادر الحزب وقدامى الرفاق في مناقشة عملية التحول المنشودة وتعميق مضمونها .
  2. حسم هذه القضية في المؤتمر واقرارها من خلاله  ووفق التعديلات المقترحة على الوثائق فيها.
  3. تفويض اللجنة المركزية القادمة بانجاز ما يتبقى من تعديلات واضافات، وتعميق المناقشات حولها ووضع الصياغات النهائية لها واعتمادها وفقا للالية التي يقرها المؤتمر.

وعليه فاننا نتقدم نحو المؤتمر الخامس تحت   الشعار المركزي التالي :

نحو تعميق الوحدة  الفكرية والسياسية والتنظيمية لحزبنا

من اجل التحرر الوطني والاجتماعي

 حزب الشيوعيين الفلسطينيين

اللجنة المركزية لحزب الشعب الفلسطيني

كانون ثاني/يناير 2016